الكذابين [الآية ٢٨]. والله لا يريد ظلما لعباده ولذلك جرى على سنة إرسال رسله لإنذارهم ودعوتهم [الآيات ٢٩ ـ ٣٠] والله إنما يضل البغاة المرتابين الذين يجادلون في آيات الله بالباطل والذين استوجبوا مقت الله وإنما يطبع على قلوب المتكبرين الجبارين [الآيات ٣٣ ـ ٣٤].
وإنه من عجيب أمرهم أنه بينما يدعوهم إلى النجاة يدعونه إلى النار ويريدون أن يكفر بالله ويشرك به غيره الذي لا يملك من الأمر شيئا ، وإن مرد الناس جميعهم إلى الله وأن المفسرين في الانحراف هم وحدهم أصحاب النار [٤١ ـ ٤٣] ولسوف يذكرون ما يقوله لهم في يوم ما ويندمون على مواقفهم وأنه يفوض أمره إلى الله البصير بأمور عباده [٤٤].
وبين هذه التعليقات ما جاء في كثير من التقريرات القرآنية المباشرة التي مرّت أمثلة منها في السور السابقة تماثل كذلك. وواضح أن هذا التماثل مما يبرز قصد القصة الوعظي والتذكيري والتمثيلي.
استطراد إلى مذهب التقية بصورة
عامة وعند الشيعيين بصورة خاصة
وتعليق عليه
إن مفسري الشيعة وفقهاءهم يقفون عند جملة (رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) فيسوقونها كدليل من جملة الأدلة على مذهب التقية الذي يعتنقونه. وقد روى المفسر الطبرسي في سياقها قولا لأبي عبد الله أحد الأئمة جاء فيه : «إنما هذا الرجل كان يكتم إيمانه تقية من القتل ، وإن التقية من ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقية له ، والتقية ترس الله في الأرض».
والمتبادر أن في اتخاذ الشيعة هذه الآية سندا لمذهب التقية تجوزا ، فهي من سياق فيه حكاية قصة من قصص رسالة موسى عليهالسلام وليست تشريعا للمسلمين ، وفي السياق إلى هذا حكاية الموقف الجريء الذي نوهنا به والذي يتناقض مع فكرة التقية والمداراة.