جاورها باستثناء بعض حواريي عيسى الذين وصلوا إلى سواحل أوروبا الجنوبية الشرقية وبشروا فيها. ولقد ذكر القرآن أن الله تعالى شاءت حكمته أن يبعث في كل أمة رسولا كما جاء في آية سورة النحل هذه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)) وفي سورة فاطر التي مرّ تفسيرها آية من هذا الباب وهي (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤)) بحيث يمكن القول إن من الرسل الذين لم تشأ حكمة الله ذكرهم في القرآن رسلا أرسلوا إلى مختلف أنحاء الدنيا ومختلف أجناس البشر في مختلف الأدوار السابقة للبعثة النبوية. وليس ما يمنع أن يكون الرجال العظام الذين تنسب إليهم الشرائع والأديان والكتب المتنوعة التي فيها أحكام وتعاليم ووصايا اجتماعية وأخلاقية في بلاد الهند والصين وجاوا والفرس واليابان وغيرها منهم أيضا. وليس لمسلم أن ينفي ذلك جزافا ، وقد يكون فيما ينسب إلى بعضهم من وصايا مخالفة لمبادىء القرآن كذبا أو محرفا ، والشأن في ذلك مثل الشأن في الأسفار التي يتداولها اليهود والنصارى.
وفي سورة الحديد آية مهمة في هذا الباب وهي : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦)) فذكر ذرية نوح من ذرية إبراهيم يفيد أنه قصد من ذلك تقرير ظهور أنبياء آخرين من غير ذرية إبراهيم التي منها معظم أنبياء بني إسرائيل وبخاصة موسى وعيسى عليهماالسلام اللذين تنسب إليهما اليهودية والنصرانية. وأنزلت عليهم كتب الله مثل ما أنزل على الأنبياء من ذرية إبراهيم. وقد ذكر القرآن أن الله تعالى نجّى نوحا من الطوفان مع أهله وجعل ذريته هم الباقون كما جاء مثلا في آية سورة الصافات [٧٧] وفي سفر التكوين (١) أول أسفار العهد القديم ذكر أن الذين نجوا
__________________
(١) انظر الإصحاحات ٧ ـ ١٠.