تعقيب واستطراد بعد الآية السابقة لها ، فقد انتهت الآية بوصف الله سبحانه بالسميع العليم فاستطردت هذه إلى ذكر بعض آياته وتأنيب الذين لا يحصرون العبادة والسجود فيه ويشركون الشمس والقمر معه فيهما.
تعليق على عبادة الشمس والقمر عند العرب
وتأليه الشمس والقمر وعبادتهما مما كان سائدا في الأزمنة القديمة في بلاد اليمن من جزيرة العرب ثم في بلاد العراق والشام ومصر المجاورة لجزيرة العرب والتي جاء معظم سكانها القدماء من هذه الجزيرة. وقد عرف من الروايات المتعددة أن العرب في عصر النبي صلىاللهعليهوسلم وبيئته كانوا يتسمون باسم عبد شمس ومن ذلك جدّ بني أمية.
ولا بد من أن يكون ذلك متصلا بعقيدة من عقائدهم ، وقد ذكرت بعض الروايات أن قبيلة كنانة كانت تعبد القمر وأن قبيلة تميم كانت تعبد الشمس. وأن هذه القبيلة صنعت تمثالا للشمس ووضعته في بيت خاص (١) ، حيث يفيد هذا أن عبادة الشمس والقمر كانت ممارسة في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم عند بعض القبائل العربية. وصيغة الآيات تفيد ذلك حتما لأنها تنهى عنه وإن كانت لا تسوغ الجزم بما إذا كان الخطاب موجها إلى فريق من عباد الشمس والقمر وجاها أم خطابا عاما لعبادهما من المشركين وإن كنا نرجح الاحتمال الأول مع التوجيه العام في الوقت نفسه جريا على الأسلوب القرآني.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)) [٣٩]
(١) خاشعة : لعلها بمعنى جافة أو جامدة ، وفسّر بعض المفسرين الكلمة
__________________
(١) تاريخ العرب قبل الإسلام جواد علي ج ٥ ص ١١٢ ـ ١١٣.