كما كان يوحي إلى النبيين من قبله. وأنه مراقب حفيظ على الذين اتخذوا من دونه أولياء وشركاء وليس هو مسؤولا ولا وكيلا عنهم ، وأن السموات تكاد تتشقق من فوق الأرض من فظاعة ذلك لو لا أن الملائكة يسبحون بحمد ربهم ويطلبون المغفرة لأهل الأرض ولو لا أن الله سبحانه وتعالى قد اتصف بالغفران والرحمة مع علوّ شأنه وبالغ عظمته وقوته.
وأسلوب الآيات قوي نافذ ، وهي تمهيد لما يأتي بعدها.
رواية عجيبة عن سرّ (حم عسق)
ولقد روى الطبري حديثا في تفسير المقطعين وصفه المفسر ابن كثير وهو من أئمة المحدثين بأنه غريب عجيب منكر نورده كمثال لما كان يساق على هامش الآيات القرآنية نتيجة لما وقع من نزاع وخلاف سياسي بين الأمويين والهاشميين وبين العباسيين والعلويين. والحديث معزو إلى حذيفة بن اليمان وقد جاء فيه : أن رجلا جاء إلى ابن عباس فسأله عن تفسير المقطعين فأعرض عنه مرة ثم مرة فقال حذيفة له : أنا أنبئك به إنهما نزلا في رجل من أهل بيت النبي صلىاللهعليهوسلم يقال له عبد الله أو عبد الإله ينزل على نهر من أنهار المشرق تبنى عليه مدينتان ، يشق النهر بينهما شقا فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ، فما هو إلّا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ثم يخسف الله بها وبهم جميعا ، فلذلك قوله (حم (١) عسق (٢)) يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء ، حم عين يعني عدلا منه ، سين يعني سيكون ، وقاف يعني واقع بهاتين المدينتين!.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨)) [٧ ـ ٨]