فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (١٥٦)) ضابط محكم في صدد من يدخلهم برحمته.
وفي الآية الأولى من الآيتين عود على بدء في صدد عروبة القرآن التي حكت بعض آيات السورة السابقة ما كان من المشركين من جدل فيها. فالله قد جعل القرآن عربيا حتى يفهمه أهل مكة ومن حولهم ، واعتراضهم على هذا لا محل له. فالله كما أوحى إلى الأنبياء من قبل النبي صلىاللهعليهوسلم بلسان أقوامهم أوحى الله إليه بلسان قومه.
وقد توهم الآية الأولى ـ لأول وهلة ـ اقتصار الدعوة على أهل مكة وما حولها وعلى العرب الذين أنزل القرآن بلسانهم. ولما كان شمول الدعوة قد تقرر في آيات كثيرة تقريرا حاسما مما مرت منه أمثلة عديدة فالعبارة هنا تحمل على ما كان من ظرف خاص بين النبي صلىاللهعليهوسلم من جهة وبين أهل مكة وما حولها من العرب من جهة أخرى على ما ذكرناه في مناسبات سابقة مماثلة.
تعليق على حديث مروي في صدد الفقرة
(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧))
ولقد روى البغوي بطرقه في صدد جملة (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)) حديثا عن عبد الله بن عمرو قال : «خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم قابضا على كفّيه ومعه كتابان فقال : أتدرون ما هذان الكتابان؟ قلنا : لا يا رسول الله إلّا أن تخبرنا. فقال للذي في يده اليمنى : هذا كتاب من ربّ العالمين فيه أسماء أهل الجنّة وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقرّوا نطفا في الأصلاب وقبل أن يستقرّوا نطفا في الأرحام. إذ هم في الطينة منجدلون فليس بزائد فيهم ولا بناقص منهم إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة. ثمّ قال للذي في يساره : هذا كتاب من ربّ العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقرّوا نطفا في الأصلاب وقبل أن يستقرّوا نطفا في الأرحام. إذ هم في الطينة منجدلون فليس بزائد فيهم ولا بناقص منهم إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة.