الله تعالى مرجع كل شيء وهو الحكم العدل بين الناس فيما اختلفوا فيه وهو ربّه الذي عليه يتوكل وإليه ينيب ويستند ، وينطوي في البيان معنى الوثوق واليقين بأن النبي صلىاللهعليهوسلم هو على حق في الخلاف القائم بينه وبين المشركين كما هو المتبادر.
وجاءت الآيتان الأخريان للبرهنة على استحقاق الله وحده الولاء والاعتماد والإنابة والربوبية الشاملة جريا على الأسلوب القرآني : فهو الذي خلق السموات والأرض ، وجعل للناس أزواجا من أنفسهم لينموا ويكثروا ، وخلق لهم من الأنعام أزواجا كذلك. وهو الذي لا يماثله شيء في عظمته وقدرته وصفاته وكنهه السميع لكل شيء البصير بكل شيء الذي في يده تصريف السموات والأرض وبسط الرزق وقبضه وفقا لمقتضيات علمه وحكمته لأنه عليم بكل شيء.
والمتبادر أن الآيات جاءت معقبة على الآيات السابقة ومؤكدة لها. والآية الثانية كما قلنا موجهة مباشرة من النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المخاطبين وفي مثل هذه الحالة يفرض محذوف بعد كلمة (من شيء) وهو (قل) فيتسق حينئذ الفصل القرآني. وهذا مما جرى عليه الأسلوب القرآني وقد مرّ منه أمثلة عديدة.
وجملة (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) موجهة إلى مخاطبين حاضرين. وتحتمل أن يكون التوجيه فيها مطلقا وتحتمل أن يكون خاصا لفريق في موقف من المواقف. وروح الفصل والآيات السابقة معا التي تستعمل ضمير الغائب بالنسبة للكفار تجعلنا نرجح الإطلاق في التوجيه.
تعليق على جملة
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)
وجملة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ـ وإن جاءت في مقامها لتنفي أي احتمال للتماثل بين الله تعالى في قدرته وعظمته وشمول تصرفه وحكمته وكمال صفاته وبين أي كان ممن يتخذهم المشركون شركاء له في الدعاء والعبادة وفي معرض