وفي الآية أمر مؤكد للأوامر السابقة للنبي بإعلان قومه بأنه لا يطلب منهم على مهمته نفعا ولا أجرا إلا المودة في القربى. وفيها حث على الاستجابة إلى الله وترغيب في عمل الصالحات وتبشير بصفات الله الغفور الشكور وتقرير لقابلية الناس على الاختيار وجزاؤهم على اختيارهم أيضا.
ويلحظ أن الفقرة الأخيرة من الآية احتوت توكيدا للمعنى الذي انطوى في الفقرة الأخيرة من الآية [٢٠] السابقة بأسلوب آخر حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت مواصلة تطمين الذين يفعلون الأفعال الحسنة التي ترضي الله تعالى بمضاعفة ثوابهم في آيات متتالية. وفي هذا ما فيه من حثّ على العمل الصالح وقد تكرر كثيرا ومرت منه أمثلة عديدة.
تعليق على جملة
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)
ولقد تعددت الأقوال والروايات في معنى (الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن هذه الآية والآيتين اللتين بعدها مدنيات. وروى الطبرسي في مجمع البيان نقلا عن تفسير أبي حمزة الثمالي عن ابن عباس أن الأنصار جاءوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بعد أن استحكم الإسلام في المدينة فقالوا له : إن تعرك أمور فهذه أموالنا تحكم فيها في غير حرج ولا محظور عليك فنزلت الآية فقرأها عليهم وقال : تودون قرابتي من بعدي فخرجوا من عنده مسلمين فقال المنافقون : إن هذا لشيء افتراه في مجلسه أراد أن يذلنا لقرابته من بعده فأنزل الله الآية : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ...) فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم فأنزل الله الآية التي بعدها : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) فأرسل في أثرهم فبشرهم ، وقد أخرج الطبراني حديثا عن ابن عباس مقاربا لما جاء في هذه الرواية (١).
__________________
(١) انظر مجمع الزوائد ج ٧ ص ١٠٢ ـ ١٠٣.