(وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤)) [٦٣ ـ ٦٤]
في الآيات تقرير بما كان من أمر رسالة عيسى عليهالسلام ، فإنه قال لقومه حينما بعثه الله بالبينات : إني جئتكم بالحكمة ولأبين لكم الصواب في بعض ما أنتم فيه مختلفون ، ودعاهم إلى تقوى الله واتباعه ، وإلى طاعته فيما يأمرهم به وينهاهم عنه مما هو من حكمة الله وبيناته التي جاءهم بها ، وقرّر لهم أن الله ربّه وربّهم ، وحثّهم على عبادته وحده ، وبيّن لهم أن هذا هو الصراط المستقيم الذي يجب عليهم السير فيه.
تعليق على
رسالة عيسى عليهالسلام
لقومه وشخصيته وأقواله
والآيات كذلك متصلة بالسياق ، وفيها تتمة للرد الذي تضمنته الآيات [٥٧ ـ ٥٩] كما هو المتبادر من حيث تقرير حقيقة شخصية عيسى وعبوديته لله تعالى ومدى رسالته. فعيسى لم يدّع الألوهية ولم ينسب نفسه إلى الله تعالى ابنا حقيقيا منفردا كنسبة الابن إلى الأب الطبيعية حتى تصحّ حجة المشركين واعتراضهم ، وإنما هو عبد الله ونبي من أنبيائه وقد دعا إلى عبادة الله وحده مقررا أنه ربّه وربّ الناس أجمعين.
وعلى هذا الشرح تكون الآيات الثلاث السابقة لهذه الآيات قد جاءت اعتراضية واستطرادية لتقرير قدرة الله تعالى ودعوة الناس إلى السير في الطريق القويم وعدم المماراة في الساعة وعدم اتباع الشيطان والتحذير من عداوته لهم.
ولقد احتوت الأناجيل الأربعة المتداولة والمعترف بها من النصارى أقوالا كثيرة لعيسى عليهالسلام فيها صراحة حاسمة بأنه مرسل من قبل الله وبأنه ابن البشر