تعليق على آية
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)
وما بعدها وما روي عن ليلة
نصف شعبان
ولقد اختلفت الأقوال في الليلة المذكورة فهناك من قال إنها ليلة القدر (١) واستند في ذلك إلى سورة القدر التي ذكرت أن القرآن أنزل في ليلة القدر ، وإلى آية سورة البقرة هذه : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [١٨٥] ثم إلى الأحاديث المروية في صدد كون ليلة القدر هي في العشر الأخيرة من رمضان والتي أوردناها في سياق تفسير سورة القدر ، وهناك من قال إنها ليلة النصف من شعبان استئناسا من بعض أحاديث نبوية منها حديث جاء فيه : «ينزل الله جلّ ثناؤه ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكلّ نفس إلّا إنسانا في قلبه شحناء أو مشركا بالله» ومنها حديث ثان جاء فيه : «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له ولقد خرج اسمه في الموتى» (٢). ومنها حديث عن ابن عباس جاء فيه : «يقضي الله الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها الموكلين بها» ويعني بذلك الملائكة على ما هو المتبادر (٣). ومنها حديث عن الحسن البصري جاء فيه : أن أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم من هذه الليلة إلى مثلها في السنة المقبلة تفصل في هذه الليلة. أي ليلة نصف شعبان» (٤). وبعض الذين قالوا إنها ليلة القدر من رمضان رووا أن هذه الليلة هي الليلة التي تفصل فيها الأمور الهامة من سنة إلى سنة من أرزاق وآجال ومصائب (٥) وبذلك وفقوا بين القولين.
وأكثر الأقوال في جانب القول إنها ليلة القدر في رمضان وهو الأصوب
__________________
(١) انظر تفسير سورة القدر وتفسير الآية التي في صددها في تفسير ابن كثير.
(٢) انظر تفسير الآيات في تفسير البغوي.
(٣) انظر تفسير الآيات في تفسير البغوي.
(٤) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي.
(٥) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي.