وينطوي في الأحاديث إيجاب نبوي صريح على كل مسلم في كل زمن ومكان تبليغ شيء مما يعرف من آيات الله وأحاديث رسوله صلىاللهعليهوسلم لأي كان لا يعرف ذلك. سواء أكان مسلما أم غير مسلم ، فكأنما حمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهذا ما أمر به في الآية من إنذار السامعين بالقرآن ومن يبلغه خبره من غيرهم على المسلمين استمرارا لتحقيق أمر الله تعالى له. وهذا يعني واجب الدعوة إلى الإسلام على كل مسلم في كل زمن ومكان. والمتبادر أن هذا الواجب أشد إيجابا على القادرين عليه علما وسلطانا واستطاعة. وبالدرجة الأولى على أولياء أمر المسلمين الذين هم خلفاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المسلمين والإسلام. فالله سبحانه وتعالى أرسل رسوله مبشرا وداعيا ونذيرا لجميع البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم ونحلهم وأمر المسلمين أن يجعلوه أسوة وأن يستمروا على نهجه ولا ينقلبوا على أعقابهم بعده كما جاء في آية سورة آل عمران هذه : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [١٤٤] وكما جاء في آية سورة الأحزاب هذه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [٢١] فصار واجب التبليغ والدعوة واجبا لازما على كل مسلم وكل بحسب قدرته واستطاعته. مع شرط مهم هو أن يكون الصدق والإخلاص رائدهم في كل ما يبلغونه وأن يتحروا في ذلك أشد التحري وأن لا يكون فيه كذب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليه حيث جاء في حديث رواه البخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو : «ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (١). وفي القرآن آيات عديدة فيها إنذار رهيب لمن يكذب على الله تعالى منها آية سورة الأعراف [٢٧] التي سبق تفسيرها ومنها آية الزمر هذه : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢)).
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٥٨.