لكلمتي الأعمى والبصير. والمقام قد يتحمل ذلك وإن كان احتمال حقيقة العمى والإبصار فيه أقوى ورودا فيما روي على سبيل التمثيل والمقارنة.
تعليق على آية
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا
أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ)
والآية متصلة بالسياق اتصال تعقيب وتوضيح كما هو المتبادر وضمير الجمع المخاطب فيها عائد إلى الكفار المشركين موضوع الآيات السابقة التي حكت مواقفهم وتحديهم ونددت بهم وأنذرتهم. وهي قوية رائعة نافذة في تقريرها طبيعة النبي صلىاللهعليهوسلم البشرية ومهمته التبشيرية والإنذارية وفي أمرها للنبي صلىاللهعليهوسلم بأن يقول إنه ليس ملكا ، وليس عالما بالغيب وليس مالكا لخزائن الله وبأن ليس له إلّا أن يقف عند حدود ما يوحى إليه به. وقد سبق تقرير ذلك وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله في سورتي الأعراف ويونس.
ولقد رأينا المفسر الخازن يقول في سياق تفسيره للآية إن النبي صلىاللهعليهوسلم إنما نفى عن نفسه ما نفاه تواضعا لله واعترافا بالعبودية له. وهو قول غريب ، وقد غفل المفسر عن أن ما نفاه عن نفسه هو حقيقة منبثقة من طبيعة النبي البشرية التي قررها القرآن مرة بعد أخرى ، وعن أن الله تعالى هو الذي أمره بقول ذلك ، وليس الكلام من النبي مباشرة. وهذا لا يمنع من القول بأن موقف النبي صلىاللهعليهوسلم كان ولا شك رائعا أخاذا حينما نفذ أمر الله تعالى فأعلن للناس جميعهم المؤمنين منهم والمشركين على السواء ما أمر بنفيه عن نفسه.
(وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)