ويروي المفسرون (١) حديثا عن ثوبان عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله أعطاني السبع الطوال مكان التوراة وأعطاني المئين مكان الإنجيل ، وأعطاني مكان الزبور المثاني وفضّلني ربي بالمفصّل» (٢) وهذا الحديث لم يرد في الصحاح ، وصيغته لا تبعث الطمأنينة بصدوره عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والملاحظ أن القول : إن سور القرآن رتبت على النحو المذكور آنفا أي الطوال فالمئين فالمثاني فالمفصل ليس دقيقا كل الدقة إلا بالنسبة لسورة البقرة فقط. فثانية السور في عدد الآيات هي سورة الشعراء مثلا غير أنها وضعت في عداد المثاني وبعد عدد كبير من السور التي منها ما هو أقل منها حيزا أي أقصر طولا فضلا عن كونه أقل في عدد الآيات مثل سورة الرعد وإبراهيم والحجر والفرقان والنور والمؤمنون والأنبياء والحج. وسورة الرعد وإبراهيم والحجر قد قدمت في الترتيب مع أن بعدها سورا كثيرة أكثر منها عدد آيات وأطول حيزا. ومثل هذا يلاحظ في سور عديدة أخرى في الطوال والمئين والمثاني والقصار والمفصل. ولما كنا نعتقد أن ترتيب السور في المصحف قد تم في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم وبإرشاده وهو بمصطلح علماء القرآن توقيفي (٣) فنحن نعتقد أنه لا بد من أن يكون لهذا الترتيب حكمة وإن كانت قد خفيت علينا وعلى غيرنا.
هذا ، والذي نرجحه أن تأليف السور على الصورة التي شرحناها إنما هو بالنسبة للسور المدنية فقط وبخاصة للطوال والمئين والمثاني منها دون السور المكية. ففي السور المكية وحدة مواضيع وتشابه قوي في الفصول. وهي قاصرة على الدعوة ومبادئها وتدعيماتها المتنوعة والحجاج حول ذلك ، مما لا يقتضي أن ينزل فصل من سورة ثم يعقبه فصل من سورة أخرى قبل أن تتم فصول السورة التي
__________________
والأنعام والأعراف وقد ذكر الراوي أنه نسي السابعة. وهناك ما يذكر الأنفال والتوبة معا كسابعة وهناك ما يذكر سورة يونس كسابعة. والمئين بعد يونس إلى الكهف وبعدها المثاني. والمفصل يبدأ في رواية بالحجرات وفي رواية بسورة (ق) وفي رواية بسورة الضحى.
(١) انظر تفسير الآية [٨٧] من سورة الحجر في تفسير البغوي.
(٢) انظر تفسير الآية [٨٧] من سورة الحجر في تفسير البغوي.
(٣) انظر المصدر السابق.