البقرة التي نحن في صددها قررته عن الإتيان بسورة من مثله.
وتكرار التحدي بهذه القوة للناس جميعا في أوائل العهد المدني مع تقرير العجز بأسلوب التأييد ينطوي على أن هذا العجز استمر طيلة العهد المكي أولا ثم على معنى قوي بسبيل تلقين الشعور التام بالوثوق في صحة الرسالة النبوية وصلة القرآن بالوحي الرباني وصدوره عنه كما ينطوي على موقف القوة والاستعلاء للنبي صلىاللهعليهوسلم كما هو المتبادر.
ولقد علقنا على موضوع هذا العجز ومدى الإعجاز القرآني الذي عجز عنه الناس في سياق تفسير آية الإسراء المذكورة ثم في سياق تفسير الآية [٥١] من سورة العنكبوت فنكتفي بهذا التنبيه دون الإعادة.
تعليق على زعم بعض المستشرقين
بأن هذه الآيات وما بعدها
إلى آخر الآية ٣٩ مكية
وقد رأينا بعض المستشرقين يزعمون أن هذه الآيات إلى آخر الآية [٣٩] مكية لأن أسلوبها مشابه للأسلوب المكي. ولم نطلع على رواية ما قد تفيد هذا. وتشابه المضمون الذي قد يكون واردا ليس كافيا لتصويب الزعم. ولا سيما أن معظم الناس في الجزيرة العربية وحول يثرب كانوا حين نزولها كفارا يتحملون الخطاب بهذا الأسلوب. وهذا فضلا عن معنى التعقيب الذي ذكرناه على الآيات السابقة وتحمله لهذا الأسلوب أيضا. وقد يكون القائلون استندوا إلى ما قاله بعض العلماء من أن كل جملة تبتدئ بيا أيها الناس تكون مكية. غير أن هذا القول اجتهادي شخصي غير متفق عليه. وقد استعمل هذا الخطاب في آيات مدنية لا خلاف في مدنيتها ولا تتحمل أي احتمال لذلك مثل مطلع سورة النساء.
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ