كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)) [٢٥].
عبارة الآية واضحة ، وفيها التفات إلى الذين آمنوا بالرسالة المحمدية بمثابة تنويه وبشرى ومقابلة لما أنذر الكفار به من نار وعذاب في الآخرة كما هو المتبادر. وهكذا تكون الصلة قائمة بينها وبين ما سبقها. مع واجب الإيمان بحقيقتها الآتية.
ولقد أورد ابن كثير حديثا أخرجه ابن مردويه عن أبي سعيد وقال : إن الحاكم رواه في مستدركه وقال إنه صحيح على شرط الشيخين في معنى (أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) وهو «إنهن مطهرات من الحيض والغائط والنخامة والبزاق».
تعليق على جملة
(كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا
الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)
ولقد روى المفسرون (١) عن ابن عباس وغيره أقوالا متعددة في تأويل جملة : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) منها أن الكلام في صدد ثمر الجنة حيث يكون متشابها في اللون والشكل مختلفا في الطعم واللذة ، فيظن المنعم أنه نفس ما أكله من قبل. ومنها أن الكلام في صدد تشبيه ثمر الدنيا بثمر الجنة ، حيث يرى المنعم الذي يؤتى إليه به في الجنة مشابها لما اعتاده في الدنيا. وقد عقب المفسرون على القول الثاني بأنه يكون مشابها لثمر الدنيا في الشكل والاسم مختلفا عنه في الطعم واللذة ونحن نرجح القول الثاني لأن كلمة (مِنْ قَبْلُ) تنصرف إلى الدنيا أكثر فيما يتبادر لنا.
وفي الآيات المكية الكثيرة التي ذكرت فيها وسائل النعيم الأخروي تدعيم لهذا القول حيث ذكر في كثير منها أسماء كثير من الفواكه والثمار والأشربة
__________________
(١) انظر تفسير الطبري والخازن وابن كثير والطبرسي.