والآية الثانية تضمنت تقرير كون المشرق والمغرب لله ، وأن عابد الله والمتجه إليه يجده أينما ولّى وجهه ، فالله سبحانه غير محصور في جهة دون أخرى وهو واسع الملك والحكم عليم بحقائق الأمور ومقتضياتها.
ومن المؤولين من أوّل جملة (وَجْهُ اللهِ) برضائه وتوجيهه ومنهم من أوّلها بذاته ومنهم من أوّلها بوجوده وكل من هذه التأويلات وارد ومن الواجب الوقوف عند ذلك دون تزيد على ما نبهنا عليه في مناسبة الآية [٨٩] من سورة القصص التي ورد فيها كلمة (وَجْهُ) بمعنى وجه الله تعالى.
تعليق على آية
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)
والآية التي بعدها وهما الحلقة الثانية عشرة
من سلسلة بني إسرائيل
لقد تعددت الروايات والأقوال التي يرويها ويذكرها المفسرون في صدد كل من الآيتين ، فمن ذلك في صدد أولاهما أنها للتنديد ببختنصر البابلي الذي هدم معبد بيت المقدس وبالنصارى والروم الذين ساعدوه على ذلك لحقدهم على اليهود الذين قتلوا يحيى بن زكريا (عليهماالسلام) ، ومن ذلك أنها للتنديد بالنصارى الذين كانوا يطرحون الأذى في ذلك المعبد ويمنعون الناس عن الصلاة فيه ، ومن ذلك أنها للتنديد بالروم الذين خربوا ذلك المعبد ، ومن ذلك أنها للتنديد بالمشركين الذين صدوا النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين عن المسجد الحرام يوم الحديبية (١). وفي بعض هذه الأقوال تهافت وغرابة وبعد مناسبة مثل مساعدة النصارى لبختنصر مع أن بختنصر سابق لميلاد المسيح وليحيى بن زكريا بستة قرون. ومثل طرح النصارى الأذى على المعبد ومنعهم من الصلاة فيه مع أن المعبد هدم وصار أطلالا في زمن الروم قبل أن يستطيع النصارى فعل شيء بل كانوا هم أيضا مضطهدين.
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري وابن كثير والخازن والطبرسي والبغوي.