مردويه عن ابن عباس. ومنها أن الاتجاه يكون نحو سمت الكعبة أو المسجد الحرام على اختلاف جهاته. وهذا هو ما عليه الأكثرون على ما ذكره هذا المفسر الذي أورد حديثا رواه أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه : «ما بين المشرق والمغرب قبلة» وحديثا آخر عن ابن عباس أن رسول الله قال : «البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من منى». وفي الحديثين تأييد للقول الثاني والحديث الأول رواه الترمذي والحاكم وصححه (١). والقول الثاني الذي عليه الأكثرون هو الأكثر اتساقا مع مدى الجملة القرآنية كما هو المتبادر والله أعلم.
وفي الآيات تلقينات جليلة مستمرة المدى. من ذلك التنديد بالذين يشوشون على دعوة الإصلاح ودعاته بقصد التعطيل والكيد والمكر وبما قرّ من الأهواء والمآرب. وبخاصة إذا ما كانوا يفعلون ذلك عن عمد وعلم. وتقبيح لذلك ، ومنه حثّ المسلمين على الثبات على ما أمرهم الله ورسوله به دون أبوه لغيرهم من الملل الذين يحاولون زلزلتهم عنه ، وبيان لما في الاستجابة لهم أو التأثر بهم من إثم وضرر في دينهم ودنياهم. ومنه حثّ المسلمين على أن تكون الخيرات هي ما يجب أن يستبقوا ويسابقوا الغير عليه. ومنه بثّ القوة في قلوبهم والإهابة بهم بأن لا يخشوا معارضيهم وأعداءهم وأن لا تكون خشيتهم إلّا لله وحسب ، وبذلك فقط ينصرهم على أعدائهم ويتمّ نعمته عليهم ويهديهم إلى ما فيه العزة والقوة والسداد. ومثل هذه التلقينات متكررة متوالية في مختلف المناسبات مما مرّ منه أمثلة عديدة.
مدى تبديل القبلة في
الرسالة الإسلامية
هذا ومن الحق أن ننبه في هذا المقام على ما يبدو في تبديل القبلة من خطورة وبعد مدى في الرسالة الإسلامية والتاريخ الإسلامي. فقد أكسب الرسالة الإسلامية شخصية مستقلة إن صح التعبير بعد أن كان استقبال المسجد الأقصى
__________________
(١) انظر التاج ج ١ ص ١٣٦.