رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاحشا ولا لعّانا ولا سبّابا. كان يقول عند المعتبة ما له ترب جبينه» (١). وحديث رواه مسلم عن أبي هريرة جاء فيه : «قيل يا رسول الله ادع على المشركين ، قال : إني لم أبعث لعّانا وإنما بعثت رحمة» (٢). وحديث رواه أبو داود عن سمرة جاء فيه : «من لعن شيئا ليس بأهل رجعت اللعنة عليه» (٣). وحديث رواه الترمذي عن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» (٤).
ولقد جعلت هذه الأحاديث كثيرا من العلماء يذهبون إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يلعن قطّ ، وأنه ليس في الآيات التي نحن في صددها إيعاز بلعن أحد وإنما هي من قبيل الوعيد الرباني ويتحاشون عن لعن أحد معيّنا كان أم غير معيّن. وتطرق بعضهم إلى ما درج عليه بعض المسلمين من لعن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان والحجاج بن يوسف وما درج عليه الشيعة من لعن كثير من أصحاب رسول الله وجميع ملوك ورجال وقواد بني أمية وما في ذلك من بغي وعدوان ومخالفة للسنة النبوية. بل وخروج عن ربقة الإسلام من حيث إن من يلعن من لم يكن مستحقا يقينا اللعنة عادت اللعنة إليه ومن نعت بالكفر من لم يكن كافرا يقينا باء بالنعت. وفي كل هذا وجاهة ظاهرة. وللإمام ابن تيمية في كتابه منهج السنة ومختصره المنتقى كلام قوي وسديد في هذا الباب.
استطراد إلى تفسير الشيعة للآيات
ويصرف الشيعة هذه الآيات إلى علي (رضي الله عنه) وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقولون إن الله قد بيّن صفاته وخلقه في الكتاب وإن فيها إنذارا لمن يكتم ذلك ويكفر به بعد أن بينه الله للناس في الكتاب. برغم ما هو ظاهر من مدى الآيات واتفاق المفسرين على أنها في صدد اليهود وعدم وجود أية مناسبة بين السياق وبين زعمهم الذي مؤداه أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبخاصة كبارهم قد أسقطوا من
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ٣٣ و ٣٤.
(٢) التاج ج ٥ ص ٣٣ و ٣٤.
(٣) التاج ج ٥ ص ٣٣ و ٣٤.
(٤) انظر المصدر نفسه.