حوادث القتل التي تقع بينهم كفرض مكتوب عليهم فأوجبت قتل الحرّ القاتل بالحرّ المقتول والعبد القاتل بالعبد المقتول والأنثى القاتلة بالأنثى المقتولة. وأوردت احتمال العفو عن القاتل من قبل ولي المقتول وإباحته. وذكرت ما يجب في مثل هذه الحال وهو التزام الحق والإحسان من جانب القاتل المعفو عن دمه فيسير في التعويض ودفع الدية لأهل القتيل وفق المعروف وبدون عطل وبخس. وبينت أن هذه الإباحة تخفيف من الله ورحمة منه بالمسلمين. وأنذرت من يستغل ذلك فيعتدي ويبغي على غيره. وقد تضمنت ثانيتهما : بيان حكمة إيجاب القصاص فذكرت أن في القصاص حياة للمجتمع حيث يكون وسيلة من وسائل تقوى الله والارتداع عن الظلم والعدوان وإراقة دماء الناس. ووجهت الكلام في آخرها إلى أولي العقول فيهم الذين يستطيعون إدراك هذه الحكمة والعمل بمقتضاها. الجملة التي احتوت هذه الحكمة من روائع الوجائز والحكم القرآنية التي يمكن أن تكون سندا لكل تشريع وتنفيذ جزائي في الدنيا.
والآيتان فصل جديد لا صلة له بالسياق السابق. ومن المحتمل أن يكون هذا الفصل نزل بعد الآية السابقة لهما فوضع بعدها بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم.
تعليق على آية
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) ... إلخ
والتالية لها
ولقد تعددت الروايات في سبب نزول الآيتين ، منها أنه كان بين حيين من العرب دماء في الجاهلية وكان الحي الأقوى قد نذر بأن يقتل من عدوه الحرّ بالعبد والرجل بالأنثى والحرّ بالحرّ. وبأن يجعل دية جراحاته مضاعفة. فلما أسلم الحيان حكما النبي صلىاللهعليهوسلم فنزلتا ومنها أن العرب في جاهليتهم كانوا طبقات ، وكان أشرافهم يغالون في القصاص والدية ويضاعفونهما بالنسبة لمن هم أقل شرفا وقوة ، وأن بعض العرب رفع الأمر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فنزلتا ومنها أن اليهود كانوا يقاصون بدون عفو وأن النصارى كانوا لا يقاصون فنزلتا لبيان حكم الإسلام الوسط بينهما. ومنها