والعمرة هي زيارة الكعبة على ما هو مشهور يقيني. أما كلمة (الْحَجَ) فقد جاءت هنا مطلقة. وجاءت كذلك في سورة الحج وفي آيات أخرى في هذه السورة. وجاءت مع (الْبَيْتَ) في الآية [١٥٨] من هذه السورة وسبق تفسيرها وفي آية سورة آل عمران هذه : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) [٩٧] وهذه الجملة تتضمن فرضية العمرة في موسم الحج. وما دامت العمرة هي زيارة الكعبة فتكون كلمة (الْحَجَ) المطلقة التي جاءت مع كلمة العمرة قد عنت شيئا آخر وهو ما فسّر في الأحاديث بأنه الوقوف في عرفة. الذي عرف يقينا أنه يجب أن يكون في التاسع من شهر ذي الحجة. والراجح أن كلمة (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) في آية سورة التوبة الثالثة : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣)) قد عنته. وقد روى أصحاب السنن حديثا عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه : «الحجّ الحجّ يوم عرفة» وعلى ضوء هذا يمكن القول إن جملة : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) تعني أن فريضة الحج الإسلامية ركنان هما العمرة أي الطواف والسعي في أشهر الحج والوقوف في عرفة في اليوم التاسع من ذي الحجة. وقد ذكرت فرضية حج البيت في القرآن ولم تذكر فرضية الوقوف في عرفة بصراحة قطعية فيه فاقتضت حكمة الله ورسوله إتمام ذلك بالحديث والله أعلم. وليس من تعارض بين زيارة الكعبة في موسم الحج التي هي ركن من أركان الحج الإسلامي في موسم الحج وبين الزيارة التي تكون للكعبة في غير موسم الحج التي انطوى ذكرها في الآية [١٥٨] من سورة البقرة وشرحنا مداها.
وفي كتب التفسير والحديث أحاديث نبوية وصحابية وتابعية فيها توضيح لمدى الآيات وأحكام وسنن متصلة بها نوجزها ونعلق عليها بما يلي :
١ ـ هناك إجماع على أن فرض الحج والعمرة على المستطيع هو مرة واحدة في العمر. وهذا مستند إلى الآية الأولى من هذه الآيات وآية سورة آل عمران [٩٧]