تعليق على الآية
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ ...) إلخ
والآية التالية لها
في الآيتين تنبيه على أن الطلاق الذي يصح الرجعة فيه يجب أن لا يكون أكثر من مرتين. وإن من واجب الزوج إذا طلق أن يمسك زوجته بإحسان أو يسرّحها بإحسان. وإنها لا تحلّ له إذا طلقها مرة ثالثة إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ويطلقها الزوج الجديد ويظن الزوجان القديمان أنهما سيقيمان حدود الله. وأنه لا يجوز لزوج أن يأخذ شيئا مما أعطاه لزوجته إلّا إذا هي أرادت أن تفدي منه نفسها.
ولقد روى المفسرون بعض الأحاديث في صدد نزولهما ، ففي صدد : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) روى الطبري عن ابن عباس أن رجلا قال لامرأته لا آويك ولا أدعك تحلّين. فقالت له : كيف تصنع؟ فقال : أطلقك فإذا دنا مضي عدتك راجعتك فمتى تحلين. فأتت النبي صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله الآية» (١). وحيث روى الطبري عن قتادة : «أن الرجل كان يطلق الثلاث والعشر وأكثر من ذلك فيراجع في العدة فجعل الله حدّ الطلاق ثلاث تطليقات». وفي صدد : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) إلى آخر الآية. روى المفسرون أنها نزلت في شأن جميلة بنت أبيّ كانت عند ثابت بن قيس فنشزت عليه فأرسل إليها رسول الله : يا جميلة ماذا كرهت من ثابت؟ قالت : والله ما كرهت منه دينا ولا خلقا إلا أني كرهت دمامته. فقال لها : أتردين الحديقة؟ قالت : نعم ، فردت الحديقة وفرق النبي صلىاللهعليهوسلم بينهما» (٢).
__________________
(١) هناك حديث رواه أصحاب السنن عن ابن عباس جاء فيه : «كان الرجل إذا طلّق امرأته فهو أحق بمراجعتها وإن طلقها ثلاثا فنسخ بقوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) التاج ج ٢ ص ٣١٠ ويلحظ أنه ليس في هذا الحديث أن الآية نزلت في مناسبة معينة.
(٢) روى البخاري والنسائي هذا الحديث بدون ذكر أن الآية نزلت في هذا الشأن. انظر التاج ج ٢ ص ٣١٥.