من الحق الذي أعطته له الآية [٢٢٩]. ولقد جاء في هذه الآية شرط بصيغة (إن أرادوا إصلاحا) وقد شرحنا ذلك شرحا وافيا فالظاهر أن رحمة الله وحكمته اقتضتا الإيحاء بالآية بأسلوبها القوي الصاعق لتوكيد هذا الشرط ولتفرض على الأزواج حسن النية والالتزام بمبدأ الإمساك بالمعروف أو التسريح بمعروف إذا ما طلقوا زوجاتهم وتنذر الذين يشذون عن ذلك بقصد الإضرار ونية العدوان. وننبه إلى ما في ذلك من استهزاء بكتاب الله وتحايل على أحكامه.
التلقين العام المنطوي في جملة
(وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً ...)
وجملة (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ).
في الآية وإن كانت جاءت في صدد تحذير الأزواج من التحايل على زوجاتهن وإنذارهم فإن إطلاقها ينطوي على تلقين شامل لكل أمر بحيث تنطوي على نهي المؤمنين على التحايل على أوامر الله وآيات كتابه وتحميلها ما لا تحتمل والتلاعب فيها وصرفها عن أهدافها السامية بقصد جلب النفع للنفس وإيقاع الضرر للغير بغيا وعدوانا والآية وتلقينها تسوغ أن يقال إن الزوجة المطلقة تستطيع أن تمتنع من قبول مراجعة زوجها لها إذا أيقنت أنه لا يريد بذلك إصلاحا ، أو كانت له نية سوء في المراجعة ، والله تعالى أعلم.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)) [٢٣٢]
(١) لا تعضلوهن : معنى العضل لغويا الحبس والمنع والتضييق. ومعنى الجملة لا تمنعوهن بالإكراه وتمسكوهن بالرغم عن رغبتهن عن الرجوع إلى أزواجهن.