تعقيب عام في صدد الطلاق
وإناطته بالقضاء
وظاهر مما تقدم أنه ليس من الطلاق القرآني ما يجري على ألسنة الناس من يمين بالطلاق بسائق الغضب أو الإكراه والتهديد أو التعامل مع الناس أو الأيمان التي يحلفها الزوج بالطلاق للناس حتى بدون إكراه ولا تهديد ولا غضب على أنه يفعل كذا ولا يفعل كذا أو لم يفعل كذا أو الأيمان التي تصدر في حالة اللاوعي من سكر أو غيبوبة وإغماء وعته وجنون ومرض شديد يجعله في تلك الحالة ما دام ليس هناك نية للفراق وسبب مبرر له بين الزوجين من نزاع وخصام ونشوز واستحالة توفيق وإصلاح وامتزاج وتعايش. لأن الآيات صريحة العبارة والتوجيه بأن الطلاق إنما أبيح على كونه أبغض الحلال إليه عند نية وقصد الفراق ولأسباب مبررة له. وعند استحالة التوفيق والإصلاح بين الزوجين. ولقد روى أبو داود والترمذي والحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاث جدّهنّ جدّ وهزلهنّ جدّ النكاح والطلاق والرجعة» (١). وإزاء النصوص القرآنية وتلقيناتها نميل إلى التوقف في هذا الحديث وما من بابه إلا أن يكون صدر عن رسول الله في ظرف خاص به من قبيل الزجر. وهو على كل حال غير ما ذكرناه مما يجري على الألسنة في الحالات التي ذكرناها. وكثير من العلماء ومنهم الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم يعتبرون مثل هذه الأيمان أيمانا عادية إذا حنث فيها الحالف يكفرها بكفارة اليمين العادية ولا يرتبون عليها فراقا وطلاقا ، ولابن القيم في أعلام الموقعين فصول قيمة في هذا الباب.
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ٣٠٩ ، وروى الطبري هذا الحديث بهذه الصيغة : «من طلّق أو أعتق أو نكح جادا ولاعبا جاز عليه». وهناك حديث يرويه عن الحسن قال : «كان الناس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يطلّق الرجل أو يعتق فيقال ما صنعت؟ فيقول : إنما كنت لاعبا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من طلّق لاعبا أو أعتق لاعبا جاز عليه. وفي ذلك نزلت : (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) وفي تفسير ابن كثير صيغ عديدة من هذا الباب. والصيغة الواردة في الكتب المعتبرة هي التي أوردناها في المتن.