حيث يكون المسلمون قد استندوا إليها فيما أخذوا يقومون به من حركات انتقامية من مشركي مكة بعد أن هاجروا إلى المدينة.
ولقد توقف الطبري وغيره عند جمع المساجد مع معابد اليهود والنصارى ، فقال الطبري إن جملة (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) عائدة إلى المساجد التي هي الأقرب ذكرا. وقال ابن كثير : قال بعض العلماء إن في الجملة ترقّ من الأقل إلى الأكثر إلى أن انتهى إلى المساجد وهي أكثر إعمارا وأكثر عبادا وهم ذوو القصد الصحيح. وقال البغوي إن معنى الجملة (لَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) لهدم في حقبة كل نبي مكان عبادة أتباعه ، فهدمت في زمن موسى صلوات اليهود وفي زمن عيسى بيع النصارى وصوامعهم ، وفي زمن محمد مساجد المسلمين. وقال الزمخشري قولا متفقا مع البغوي بأسلوب أقوى فقال : إن المعنى لو لا تسليط المؤمنين على الكافرين بالمجاهدة لاستولى الكافرون على أهل الملل المختلفة في أزمنتهم وعلى معابدهم ، فهدموها ولم يتركوا معابد لليهود ولا للنصارى ولا للمسلمين. وفي كل من هذه الأقوال وجاهة ما ، مع القول إن كلام الزمخشري أكثر قوّة ووجاهة. ومهما يكن من أمر فالمتبادر أن العبارة أسلوبية بقصد بيان ما يمكن أن يترتب من عدوان الكفار على المؤمنين ومعابدهم ، لو لا حكمة الله التي اقتضت أن يلهم المؤمنين ويقويهم على دفع عدوان الكفار وإيقافهم عند حدّهم في كلّ وقت ومكان. والله تعالى أعلم.
التلقينات البليغة المنطوية في هذه الآيات
ولقد انطوى في الآيات تلقينات وقواعد ونتائج اجتماعية عامة ، رائعة بليغة مستمرة المدى كما انطوى فيها بيان ما سوف يكون عليه المجتمع الإنساني في ظلّ الإسلام من صورة فاضلة حيث انطوى فيها :
١ ـ تقرير حقّ المظلوم وحقّ المعتدى على حريته وحقوقه وكرامته بالانتصار والدفاع ، حتى يزول عنه الظلم وتضمن حقوقه وحريته وكرامته.