أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر وأجرى عليه الرزق وأمن من الفتّانين. واقرأوا إذا شئتم : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ)». وثانيهما عن ربيعة بن سيف قال : «كنّا برودوس ومعنا فضالة بن عبيد الأنصاري صاحب رسول الله فمرّ بجنازتين إحداهما قتيل والأخرى متوفّى فمال الناس على القتيل فقال فضاله : ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا؟ فقالوا : هذا القتيل في سبيل الله ، فقال : والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت اسمعوا كتاب الله (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) حتى بلغ آخر الآية».
والحديثان لم يردا في كتب الأحاديث الصحيحة. وصحتهما محتملة وفيهما تفسير للآية الأولى فيه تأييد لما ذهبنا إليه من عموم تلقينها.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)) [٦١ ـ ٦٢]
أسلوب الآيتين قد يلهم أنهما متصلتان بالآيات السابقة اتصال تعقيب وتدعيم وتدليل. وهو أسلوب قوي نافذ ولا سيما في المناسبة التي جاءت فيها :
١ ـ فالله قادر على تحقيق ما يعد ، فهو الذي يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل. وفي ذلك ما فيه من آيات عظمته ومطلق تصرّفه في الكون.
٢ ـ وهو المحيط بكلّ شيء ، السميع لكلّ ما يقال ، البصير بكل ما يجري. وهو الحقّ في ذاته وفي دعوته وفي قضائه. وهو العليّ الكبير الذي لا يدانيه في علوه وكبره شيء. في حين أن ما يدعوه المشركون من دونه هو باطل في أصله وفرعه ومظهره ومخبره.
وإذا كنا قلنا إن الآيتين متصلتان بسابقاتهما فلا يقتضي هذا أن تكونا مدنيتين