١ ـ هتاف ربّاني بالمؤمنين بأن يعبدوا الله ويسجدوا ويركعوا له ويفعلوا الخير. ففي ذلك فوزهم ونجاحهم.
٢ ـ وأمر لهم بأن يجاهدوا كذلك في سبيل الله ودينه حقّ الجهاد.
٣ ـ وتنويه بالمنزلة والعناية الكبيرتين اللتين اختصّهم بهما : فقد اجتباهم واصطفاهم وهداهم إلى دينه القويم. ولم يجعل عليهم فيه حرجا ولا إعناتا. وهو ملّة أبيهم إبراهيم وقد سمّاهم المسلمين من قبل وفي القرآن الآن. وأعدّهم بذلك كلّه ليكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليهم شهيدا.
وهذه مكانة خطيرة وعناية كريمة تقتضيان منهم الشكر والاجتهاد في أداء ما ترتّب عليهم من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والتمسّك بأهداب دين الله والاعتصام بحبله. وهو مولاهم ونعم هو من مولى ونصير لهم.
تعليقات على الآيتين الأخيرتين من السورة
وما فيهما من تلقين وخطورة
ولم نطلع على رواية خاصة بنزول الآيتين. ويتبادر لنا أنهما متصلتان بالسياق السابق كلّه في الآيات السابقة كما ثبتت النبي صلىاللهعليهوسلم في ما هو عليه من مناسك وشريعة ، وأكدت له أنه على الحقّ والهدى ، وندّدت بالمشركين وعقائدهم ، فجاءت هاتان الآيتان على الأثر تختتمان الكلام بالالتفات إلى المسلمين فتهتفان بهم بما تهتفان ، وتعظانهم بما تعظان وتبثّان فيهم روح الطمأنينة والسكينة والاغتباط ، وتنوّهان بالملّة السمحاء التي هداهم الله إليها وبالعناية الكبرى التي خصّهم بها وتنبهانهم إلى ما أوجبه عليهم من الجهاد في سبيل دينه وما أعدّهم له من رفعة الشأن بين الأمم والملل إذا هم اعتصموا بالله وتمسّكوا بدينهم وجاهدوا في سبيله حقّ الجهاد.
ولقد قال المفسرون (١) إن جملة (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ
__________________
(١) انظر تفسيرها في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن وغيرهم.