وذلك نحو «هذا غلاميخوانك» و (لا يحيق المكر السيّئ يلّا) (١).
وإذا كانتا في معنى «فعل» ، والهمزة في موضع العين ، جعلت بين بين ، لأنّ الياء الساكنة تكون بعد الضمة ، ففي «قيل» يقولون «قيل» ، ومثل ذلك «سيل» و «ريس» ، فيجعلها بين بين إذا خففت ، ويترك ما قبلها مضموما. وأمّا «روس» فليست «فعل» ، وإنّما هي «فعل» ، فصارت واوا ، لأنها بعد ضمة معها في كلمة واحدة.
وقوله (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) [الآية ١٤] فأذهب الواو لأنه كان حرفا ساكنا لقي اللام وهي ساكنة ، فذهبت لسكونه ، ولم تحتج إلى حركته ، لأنّ فيما بقي دليلا على الجمع. وكذلك كل واو ما قبلها مضموم تكون من هذا النحو. فإذا كان ما قبلها مفتوحا ، لم يكن بد من حركة الواو ، لأنك لو التقيتها لم تستدل على المعنى نحو (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) [الآية ١٦] (٢) وحرّكت الواو بالضم لأنك لو قلت «اشتر الضلالة» فألقيت الواو لم تعرف أنّه جمع ، وإنّما حركتها بالضم لأنّ الحرف الذي ذهب من الكلمة مضموم ، فصار يقوم مقامه. وقد قرأ قوم ، وهي لغة لبعض العرب (اشتروا الضلالة) (٣) لمّا وجدوا حرفا ساكنا ، قد لقي ساكنا ، كسروا كما يكسرون في غير هذا الموضع ، وهي لغة شاذة.
وأمّا قوله (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) [الآية ١٤] فإنّك تقول «خلوت الى فلان في حاجة» (٤) كما تقول : «خلوت بفلان» إلّا أنّ «خلوت بفلان» له معنيان : أحدهما هذا ، والاخر سخرت به. وتكون «إلى» في موضع «مع» نحو (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٥٢] (٥)
__________________
(١). فاطر ٣٥ : ٤٣. ونسبت في الكشف ٢ : ٢١٢ إلى حمزة ، وفي التيسير ١٨٣ نسب تحويل الهمزة الثانية إلى ياء في الوقف ، إلى حمزة او أبي عمرو ، وعبارته لا توحي بتحديد ولا وضوح فيها. وعبارة الأخفش لا واو فيها ، تحّولت إلى ياء قط.
(٢). وضم الواو القراءة التي عليها الجمهور من القراء. السبعة ١٤٣ ، وحجّة الفارسي ٢٧٧ ، والكشف ١ : ٢٧٥ والمشكل ١ : ٢٠ ، والجامع ١ : ٢١٠ ، والبحر ١ : ٧١.
(٣). في الشواذ ٢ إلى يحيى بن يعمر. وأضاف المحتسب ٥٤ ابن أبي إسحاق وأبا السّمال ، وأسقط الجامع ١ : ٢١٠ أبا السّمال. وفي الكشف ١ : ٢٧٥ ، والمشكل ١ : ٢٠ ، والبحر ١ : ٧١ بلا نسبة.
(٤). في البحر ١ : ٦٨ قال الأخفش : «خلوت اليه» جعلته غاية حاجتي.
(٥). وسورة الصف ٦١ : ١٤ وفي اللسان (خلا) نقلت هذه الآراء كلها ونسبت إلى اللحياني.