«أسير» «فعيل» وهو يشبه «مريض» لأنّ به عيبا كما بالمريض ، وهذا «فعيل» مثله. وقد قالوا في جماعة «المريض» : «مرضى» وقالوا «أسارى» ، فجعلوها مثل «سكارى» و «كسالى» ، لأنّ جمع «فعلان» الذي به علّة قد يشارك جمع «فعيل» وجمع «فعل» نحو : «حبط» و «حبطى» و «حباطى» (١) و «حبج» و «حبجى» و «حباجى» (٢). وقد قالوا (أَسْرى) كما قالوا (سُكارى) (٣).
وقرأ بعضهم (تفدوهم) [الآية ٨٥] (٤) من «تفدي» وبعضهم (تُفادُوهُمْ) (٥) من «فادى يفادي» وبها نقرأ ، وكلّ ذلك صواب.
وقال تعالى (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ) [الآية ٨٥] ، وقال (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [المؤمنون : ٢٤ و ٣٣] و (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) [القمر : ٥٠] رفع ، لأن كل ما تحسن فيه الباء من خبر «ما» ، فهو رفع ؛ لأن «ما» لا تشبّه في ذلك الموضع بالفعل ، وإنّما تشبّه بالفعل ، في الموضع الذي تحسن فيه الباء ، لأنها حينئذ تكون في معنى «ليس» ، لا يشركها معه شيء.
وذلك قول الله عزوجل (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١]. وتميم ترفعه ، لأنّه ليس من لغتهم أن يشبهوا «ما» بالفعل.
وأما قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الآية ٨٣] ثم قال (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) [الآية ٨٣] ثم قال (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ) [الآية ٨٣] فلأنه جلّ جلاله خاطبهم من بعد ما حدّث عنهم ، وذا في الكلام والشعر كثير.
__________________
(١). في الأصل بكسر الفاء.
(٢). في الأصل بكسر الفاء.
(٣). في الأصل بضم الفاء في كلتيهما ، ولا مفاد لذلك الا التكرار ، وقد أشار إلى هذا مكي في المشكل ١ : ١٠٣ على انه وجه أجازه أبو إسحاق ومنعه أبو حاتم ، وفي الإملاء ١ : ٤٩ انها قراءة ، وبلا نسبة وكذلك في الجامع ٢ : ٢١. وعدّ أبو إسحاق القراءتين بالألف بضم الهمزة وفتحها على أنّهما جمع الجمع «لأسرى» اللسان «أسر».
(٤). رسم المصحف على القراءة الثانية بعد الفاء. أما هذه ، ففي المصاحف ٥٧ ، ما يوحي أنها إلى الأعمش ، وفي السبعة ١٦٣ إلى ابن كثير وأبي عمرو وحمزة ، وفي الكشف ٢ : ٢٥١ إلى غير نافع وعاصم والكسائي ، وكذلك في التيسير ٧٤ والبحر ١ : ٢٩١ ، وفي الجامع ٢ : ٢١ أبدل بعاصم حمزة ، وفي الطّبري ٢ : ٣١١ وحجّة ابن خالويه ٦١ بلا نسبة.
(٥). في السبعة ١٦٣ والكشف ١ : ٢٥١ والتيسير ٧٤ والبحر ١ : ٢٩١ إلى نافع وعاصم والكسائي ، وفي الجامع ٢ : ٢١ أبدل بعاصم حمزة ، وفي الطّبري ٢ : ٣١١ وحجّة ابن خالويه ٦١ بلا نسبة.