إلّا رمادا هامدا دفعت |
|
عنه الرياح خوالد سحم (١) |
أراد : أرى لها دارا ورمادا. وقال بعض أهل العلم إنّ الذين ظلموا هاهنا هم ناس من العرب كانوا يهودا أو نصارى ، فكانوا يحتجّون على النبي (ص) ، فأمّا سائر العرب فلم يكن لهم حجّة ، وكانت حجّة من يحتجّ منكسرة. إلّا أنّك تقول لمن تنكسر حجته «إنّ لك علي الحجة ولكنّها منكسرة ، وإنّك تحتجّ بلا حجّة وحجّتك ضعيفة».
وقال تعالى (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) [الآية ١٥٠] كأنه يقول : «لأنّ لا يكون للناس عليكم حجّة ولأتمّ عليكم» عطف على الكلام الأوّل (٢).
وقوله تعالى (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [الآية ١٥١](فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [الآية ١٥٢] أي كما فعلت هذا فاذكروني.
وقال تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ) [الآية ١٥٤] على : ولا تقولوا هم أموات. وقال تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) [آل عمران : ١٦٩] بالنصب (٣) على «تحسب» ، ثمّ قال (بَلْ أَحْياءٌ) أي : بل هم أحياء. ولا يكون أن تجعله على الفعل : لأنّه لو قال : «بل احسبوهم أحياء» كان قد أمرهم بالشك.
وقال تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) [الآية ١٥٨] ف «اطّوّف» «يطّوّف» ؛ وهي من «تطوّف». فأدغم التاء في الطاء ، فلما سكنت جعل قبلها ألفا حتّى يبتدأ بها. وإنّما قال تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ) لأنّ ذلك كان مكروها في الجاهليّة ، فأخبر سبحانه أنه ليس بمكروه عنده.
وقال تعالى (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [الآية ١٦١] لأنه أضاف اللعنة ثمّ قال (خالِدِينَ فِيها) [الآية ١٦٢] بالنّصب على الحال.
__________________
(١). في الصحاح واللسان «خلد» ثانيهما وحده ، ووردا كلامها في الصاحبي ١٣٥ ، ومختار الصحاح «ءل ا» ومعجم البلدان «أغدرة» ؛ والبيتان في القصيدة العشرين ، من شرح اختيارات المفضّل للتبريزي ٥٣٥ من الجزء الأوّل.
(٢). نقله منسوبا في الجامع ٢ : ١٧٠.
(٣). في الكشاف ١ : ٤٣٩ ، أنه قرئ بالنصب ، ولم تنسب القراءة.