وقوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً) [الآية ٢٢] وهذه استعارة. لأنّه سبحانه شبّه الأرض في الامتهاد بالفراش ، والسماء في الارتفاع بالبناء.
وقوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) [الآية ٢٩] أي قصد إلى خلقها كذلك. لأنّ الحقيقة في اسم الاستواء الذي هو تمام بعد نقصان ، واستقامة بعد اعوجاج ، من صفات الأجسام ، وعلامات المحدثات.
وقوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) [الآية ٤٢] وهذه استعارة. والمراد بها : ولا تخلطوا الحقّ بالباطل ، فتعمى مسالكه ، وتشكل معارفه. وذلك مأخوذ من الأمر الملتبس ، وهو المختلط المشتبه. ويقول القائل قد ألبس عليّ هذا الأمر : إذا انغلقت أبوابه عليه ، وانسدّت مطالع فهمه.
وقوله سبحانه : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) [الآية ٦١]. وهذه استعارة والمراد بها صفة شمول الذّلّة لهم ، وإحاطة المسكنة بهم ، كالخباء المضروب على أهله ، والرّواق (١) المرفوع لمستظلّه.
وقوله تعالى : (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) [الآية ٦٦] أي للأمم التي تشاهدها ، والأمم التي تكون بعدها ، أو للقرى التي تكون أمامها ، وللقرى التي تكون خلفها. ولقول العرب : كذا بين يديّ ، كذا وجهان : أحدهما أن تكون بمعنى تقدّم الشيء للشيء. يقول القائل لغيره : أنا بين يديك. أي قريب منك. وقد مضى فلان بين يديك ، أي تقدّم أمامك.
وقوله تعالى في وصف الحجارة : (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) [الآية ٧٤] وهذه استعارة. والمراد ظهور الخضوع فيها لتدبير الله سبحانه بآثار الصنعة وأحلام الصنعة.
وقوله تعالى : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) [الآية ٨١] وهذه استعارة فيها كناية عجيبة عن عظم الخطيئة ، لأنّ الشيء لا يحيط بالشيء من جميع جهاته إلّا بعد أن
__________________
(١). وتقرأ أيضا : الرّواق ، بكسر الرّاء.