الأنثى كلّيا ، أو حصر الميراث في أكبر الأبناء وحده ، كما كانت الحال في بعض البلاد الأوروبية إلى وقت قريب ، فإننا نجد تشريعا آخر يقضي بمساواتها بالذكر.
ونقارن ذلك بالإسلام فنجد أن منهجه في التوريث منهج وسط ، لا إفراط فيه ولا تفريط ، فهو لم يحرم الأنثى الميراث ، بل أعطاها نصيبا مناسبا لظروفها في الحياة ، وأعطى أخاها نصيبا مناسبا لتبعاته في الحياة. وهذا هو شأن الإسلام في أحكامه وشرائعه ، فهو يعتمد على الحكمة والعدل لأنه تشريع الحكيم العليم.
تعدد الزوجات
تحدثت سورة النساء عن تعدد الزوجات ، فأباحته بشرط العدل بينهن. فإذا خاف الإنسان من عدم العدل ، فعليه الاقتصار على زوجة واحدة ، فإن ذلك أدعى إلى صفاء الحياة ويسرها وتحقيق الهدف من الزواج ، وهو المودة والرحمة.
ويرى الإمام محمد عبده أنّ تعدّد الزوجات أمر مضيّق فيه كل التضييق ، فكأن الله سبحانه قد نهى عن التعدد.
قال تعالى :
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) (٣).
أي إن خفتم ألا تعدلوا في نكاح اليتيمات اللواتي تحت وصايتكم ، كأن يكون الدافع لكم على الزواج بهن الطمع في مالهنّ ، لا الحبّ ولا الرغبة في معاشرتهن ، أو كأن تكون فوارق السن بينكم وبينهن كبيرة ، أو كأن تهضموهن حقوقهن في مهر أمثالهن ، إن خفتم ألا تعدلوا في اليتيمات فاطلبوا الزواج بسواهن من النساء.
وبمناسبة الحديث عن الزواج ، امتد السياق إلى بيان حدود المباح من الزوجات فإذا هو (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، ولكن بشرط العدل بينهن ، العدل في المعاملة وفي الحقوق الظاهرة. أما العدل في الشعور الباطن ، فلا قبل به لإنسان ، ولا تكليف به لإنسان ، ما اتّقى إظهاره في المعاملة ، وتأثيره على الحقوق المتعادلة. فإن وجد في نفسه ضعفا عن ذلك العدل ، وخاف ألا يقدر على تحقيقه ، فالحلال واحدة فقط وما سواها محظور :