(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً)
والنص الشرطي يحتم هذا المعنى هنا ويعلله بأن ذلك التحديد بواحدة في هذه الحالة أقرب إلى اجتناب الظلم والجور.
(ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) (٣).
أي لا تجوروا وتظلموا.
والظلم حرام فالوسيلة إليه حرام ، واجتناب الظلم واجب وما لا يكون الواجب إلا به فهو واجب.
فإذا كان العدل يتحقق بترك التعدد ، فالاقتصار على الزوجة الواحدة واجب.
وفي ختام الآية وصية جديدة بالاقتصار على الزوجة الواحدة لأنه أدعى إلى العدل والاستقرار ، والبعد عن الظلم وكثرة العيال.
شبهة تفتضح ، وحجة تتّضح
تكلم الأوروبيون بكثير من الكلام المعسول ، فمثلا (كانتى) يقول : «إن شرف الإنسان أسمى من أن يمتهن أو أن يجعل أداة متعة».
والحقيقة أن الأوروبيين هم الذين جعلوا الأخدان أداة متعة ، فقط ومنعوهن حقوق الزوجية في النفقة أو الميراث أو إلصاق الولد ، في حين أن الإسلام يحرم اتخاذ الأخدان والخليلات ، يقول تعالى :
(مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) [الآية ٢٥]. ويقول الرسول (ص) :
«إنّ الله لا يحبّ الذّوّاقين ولا الذّوّاقات فإذا تزوّجتم فلا تطلّقوا».
ونشأ عن كثرة الأخدان وانتشارهن في أوروبا انتشار الأمراض السارية الفظيعة ، وقلة النسل لأن النسل إما أن يخنق ، أو تجهض الحامل ، أو يمنع الحمل. وهل غفل الأوروبيون عن المصير السيّئ الذي ينتظرهم إذا استمر الحال ، فالكبير يموت والنشء يقتل؟ ... تنبهوا لذلك ، فصدرت قوانين تقول مثلا : أبناء الزواج الحر ، إذا اعترف بهم أبوهم ، ألحقناهم به فينال الأولاد كل حقوق الأبناء. فهم تفادوا اسم الزوجة فقط ، والأبناء منها يتمتعون بكل الحقوق.
وقد ذكر لنا أستاذنا المرحوم الدكتور محمد عبد الله دراز ، أنه شاهد أثر الحروب في ألمانيا ، ورأى النساء يطالبن هناك بتعدد الزوجات لتجد