العدل المستطاع ، ولم ترض الزوجات أن ينزلن عن حقهن فيه ، فليتفرّقا يغن الله كلّا من سعته ، ثم ذكر أن ما أمرهم به في ذلك من التقوى التي وصّى بها أهل الكتاب من قبلهم ، ويوصيهم بها من بعدهم ، وأنهم إذا كفروا ولم يتّقوه فإنه غنيّ عنهم ، وأنه إن يشأ يذهبهم ويأت بغيرهم ، وأن من يريد ثواب الدنيا بالطمع في أولئك الضعاف (فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الآية ١٣٤].
تحريم المحاباة في الشهادة
الآية [١٣٥]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [الآية ١٣٥]. فأمرهم أن يكونوا قوامين بالعدل في كل أمورهم ، وأن تكون شهادتهم لله ولو كان فيها ضرر على أنفسهم أو الوالدين والأقربين ، وإذا كان المشهود عليه غنيا أو فقيرا فلا يكتموا الشهادة لرضا الغني أو الترحم على الفقير ، ونهاهم عن متابعة الهوى ليستطيعوا القيام بما أمروا به من ذلك (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١٣٥).
عود إلى المنافقين وأهل الكتاب
الآيات [١٣٦ ـ ١٧٥]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [الآية ١٣٦]. فعاد إلى الكلام على المنافقين وأهل الكتاب ، وقد بدأ بالمنافقين وأهل الكتاب ، وقد بدأ بالمنافقين فأمرهم أن يؤمنوا إيمانا صادقا بما أمرهم أن يؤمنوا به ، وذكر أنه لا يغفر لمن يتذبذب في إيمانه مثلهم ، ثم أمر النبي (ص) أن يبشرهم بما لهم من عذاب أليم تهكّما بهم ، وذكر أنهم يتخذون الكافرين من اليهود أولياء من دون المؤمنين ، فيجلسون إليهم ويسمعون إلى طعنهم في القرآن ، مع أنهم قد نهوا عن سماع ذلك منهم ، ثم ذكر تذبذبهم بين المسلمين والكفار ، فإن كان للمؤمنين فتح طلبوا أن يشاركوهم في الغنائم ، وإن كان للكفار ظفر امتنوا عليهم بمنعهم من المسلمين ، وأنهم يخادعون الله بذلك وهو خادعهم ، وأنهم يقومون إلى الصلاة متكاسلين يراءون الناس فيها. ثم ذمّهم على تلك الذبذبة ، وحذر المؤمنين أن يتذبذبوا مثلهم ، فيوالوا الكفار كما والوهم. وذكر أنه أعدّ للمنافقين أشنع عقاب ، مبالغة في التحذير منهم ، واستثنى من ذلك من