المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «النساء» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (٤).
أقول : إن استعمال «الأكل» بمعنى الإفادة ، والانتفاع ، والاستحواذ على الشيء ولا سيما ما يدعى «مالا» ورد غير مرة ، ومن ذلك :
قال تعالى : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) (١٩) [الفجر].
وقوله تعالى : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ) [الآية ١٦١].
ومن المفيد أن نشير إلى أن مادة «الأكل» ما زالت تستعمل هذا الاستعمال ، على سبيل الاتساع في العربية المعاصرة ، فصيحة ، ودارجة.
٢ ـ قال تعالى : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً) [الآية ١٢].
قال الزمخشري (٢) : ... فإن قلت : ما الكلالة؟ قلت : يطلق على ثلاثة : على من لم يخلّف ولدا ولا والدا ، وعلى من ليس بولد ولا والد من المخلّفين ، وعلى القرابة من غير جهة الولد والوالد.
ومنه قولهم : ما ورث المجد عن كلالة كما تقول : ما صمت عن عيّ ، وما كفّ عن جبن.
والكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال ، وهو ذهاب القوّة من الإعياء ، قال الأعشى :
فآليت لا أرثي لها من كلالة |
|
ولا من وجى حتى تلاقي محمّدا |
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). «الكشاف» ، ١ / ٤٨٥.