به اليه ، وعما إذا كان قد خالف عنه ، كما زعم الزاعمون بعده.
٦ ـ الظروف التي نزلت فيها السورة
نزلت سورة المائدة ، بعد أن قلّمت أظفار المشركين ، وانزوى الشرك في مخابئه المظلمة ، وصار المسلمون في قوة ومنعة ، كانوا بها أصحاب السلطان والصولة ، في مكة وفي بيت الله الحرام ، يحجون آمنين مطمئنين ، وقد نكّست أعلام الشرك ، وانطوت صفحة الإلحاد والضلال ، وقد أتمّ الله نعمته على المسلمين بفتح مكة ، ودخول الناس في دين الله أفواجا.
وسورة المائدة ، وإن ابتدأ نزولها في السنة السابعة ، الا أنّ هذا النزول قد استمر إلى السنة العاشرة ، بدليل أن فيها آية من آخر ما نزل من القرآن وهي قوله تعالى :
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [الآية ٣].
روي أن رجلا من اليهود ، جاء إلى عمر رضي الله عنه فقال : إن في كتابكم آية تقرأونها ، لو علينا أنزلت ، معشر اليهود ، لاتخذنا اليوم الذي أنزلت فيه عيدا ، قال عمر : وأي آية؟ قال :
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [الآية ٣].
فقال عمر : إني والله لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه ، والساعة التي نزلت فيها ، نزلت على رسول الله (ص) عشية عرفة في يوم الجمعة ، والحمد لله الذي جعله لنا عيدا.
وقد روي أن النبي (ص) قرأ سورة المائدة في حجة الوداع وقال :
«يا أيّها النّاس إنّ سورة المائدة آخر ما نزل فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها».
٧ ـ أفكار السورة وأحكامها
انفردت سورة المائدة بعدّة مسائل ، في أصول الدين وفروعه ، وبتفصيل عدة أحكام ، أجملت في غيرها إجمالا ، ومن هذه الأحكام ما يأتي :
١ ـ بيان إكمال الله تعالى للمؤمنين دينهم ، الذي ارتضى لهم ، بالقرآن وإتمام نعمته عليهم بالإسلام.
٢ ـ النهي عن سؤال النبي (ص) عن أشياء من شأنها أن تسوء المؤمنين إذا أبديت لهم ، لما فيها من زيادة التكاليف.