بما أنزله الله على خاتم رسله مصدقا لأصلهما ، ولكنهم اتخذوا الإسلام هزوا ولعبا ، في جملته ، وفي عبادته ، ووالوا عليه المناصبين له من أعدائه ، فنهى الله المؤمنين عن موالاتهم.
١٠ ـ اليهود
ناقشت سورة المائدة اليهود خاصة ، فذكّرتهم بنعم الله عليهم وبميثاق الله مع نقباء بني إسرائيل ، النائبين عنهم ، فما الذي كان من بني إسرائيل؟
لقد نقضوا ميثاقهم مع الله. قتلوا أنبياءهم بغير حق ، وبيّتوا الصلب والقتل لعيسى بن مريم ، وحرفوا كلمات التوراة عن معانيها وعن مواضع الاستشهاد بها ، واشتروا بهذا التحريف ثمنا قليلا من عرض هذه الحياة الدنيا ، ونسوا بعض شرائع التوراة وأهملوها ، وخانوا محمدا رسول الله وأحد الرسل الذين أخذ عليهم الميثاق أن ينصروهم ، فباءوا بالطرد من رحمة الله وقست قلوبهم ، ببعدهم عن هذه الرحمة.
وإنّ من صفات اليهود الغالبة عليهم الخيانة والمكر ، وقول الإثم والمبالغة في سماع الكذب وأكل السّحت ، والسعي بالفساد في الأرض ، في إيقاد نار الفتن والحروب ، وقد قتلوا رسل الله إليهم ، وتمرّدوا على موسى إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة وقتال الجبارين ، فعاقبهم الله بالتيه في الأرض ، وأنهم كانوا أشد الناس عداوة للمؤمنين فعاقبهم الله على ذلك كله باللعن على ألسنة الرسل ، وبالغضب والمسخ ، وهذه الصفات التي غلبت عليهم في زمن البعثة ، وقبل زمن البعثة تثبتها تواريخهم وتواريخ غيرهم. ومن المعلوم أنها لم تكن عامة فيهم ولا شاملة لجميع أفرادهم ولذلك قال سبحانه :
(مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) [الآية ٦٦].
١١ ـ النصارى
ممّا جاء في النصارى خاصة ، أنهم نسوا ، كاليهود ، حظا مما ذكروا به ، وأنّهم قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ، وقالوا إن الله ثالث ثلاثة ، وقد ردّ الله عليهم هذه العقيدة بالأدلّة العقلية وببراءة المسيح منها ومن منتحليها يوم القيامة ، وبين لهم حقيقة المسيح وأنه عبد الله ورسوله وروح منه. ولقد أخذ