على الاعتداء عليهم ، ثم فصل ما استثناه من بهيمة الأنعام ، فحرم الميتة وغيرها إلى الاستقسام بالأزلام وهو الميسر ، وكانوا ، إذا اجتمعوا في الحرم ، يهلون بذبائحهم للنّصب ، ثم يلطخونها بالدماء ويضعون اللحوم عليها ، ثم ينحرون جزورا ويسهمون عليها بالأزلام ، ثم ذكر لهم أن الكفار قد يئسوا من التأثير عليهم في دينهم ، ونهاهم أن يخشوهم إذا خالفوهم في مناسكهم ، وذكر لهم أنه أكمل لهم دينهم ، ورضي لهم الإسلام دينا ، فيجب عليهم أن يرضوا ما يرضاه لهم ، ولا يخشوا فيه لومة لائم.
ثم ذكر أنهم سألوا النبي (ص) قولا جامعا في ما أحل لهم من ذلك ، فذكر أنه أحل لهم الطيبات وصيد ما علموا من جوارح الطير والسباع ، وأن ذبائح أهل الكتاب حلّ لهم ، كما أن ذبائحهم حلّ لهم ، وأنه أحل لهم المحصنات من المؤمنات ومن أهل الكتاب ، إذا أعطوهن مهورهن ، محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ، (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٥).
أحكام الوضوء والتيمم
[الآية ٦]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [الآية ٦]. فذكر حكم الصلاة بعد حكم الحج والعمرة ، لأنهما ركنان من أركان الإسلام الخمسة ، فأمرهم بالوضوء أو التيمم عند القيام للصلاة ، ثم ذكر حكمة الوضوء والتيمم فقال : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٦).
التحذير من نقض العقود
[الآيات ٧ ـ ١١]
ثم قال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧). فعاد إلى المقصود الأول من السورة ، وأمرهم أن يذكروا نعمته عليهم بظهورهم على المشركين ، وأن يفوا بميثاقه عليهم ، وأن يكونوا قوّامين ، له شهداء بالعدل ، ونهاهم أن تحملهم عداوتهم للمشركين على نقض ميثاقهم ، ثم وعدهم على