متعمدا ، وأن الذي يحرم صيد البر لا صيد البحر ، ثم ذكر أنه جعل البيت الحرام أمنا للناس فلا يحل القتال فيه ، وكذلك جعل الشهر الحرام أمنا لهم ، وكذلك جعل الهدي والقلائد لتسير إلى البيت آمنة ، ثم ذكر أنه شرع لهم ذلك بواسع علمه وحكمته ، وهددهم على مخالفة ذلك بشديد عقابه ، وذكر أنه ليس على الرسول (ص) إلا تبليغه لهم.
ثم ذكر أنه لا يستوي الخبيث الذي حرمه عليهم ، والطيب الذي أحله لهم ، ولو كان في كثرة الخبيث ما يدعو إلى الإعجاب به ، ثم نهاهم أن يسألوا عن أشياء من ذلك يريدون التشديد فيها ، لأنه قد سألها قوم من قبلهم ثم كفروا بها ولم يقووا عليها.
ثم أبطل ما كانوا يهدونه للأصنام ، فذكر أنه ما جعل لهم من بحيرة ولا سائبة ولا غيرهما من هدايا الأصنام ، وأنهم يفترون عليه في نسبة تشريعها إليه ، وأنهم يقلدون فيها آباءهم ولو كانوا لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ، ثم أمر المؤمنين أن يعرضوا عنهم لأنهم لا يضرّونهم بشيء من ضلالهم ، وذكر أن مرجعهم إليه فينبئهم بأعمالهم ثم ذكر أن أحدهم إذا كان مسافرا وحضره الموت ، أشهد على وصيته اثنين من المسلمين ، فإذا لم يجدهما أشهد عليها اثنين من غيرهم ، ثم أكد في الشهادة على الوصية بما أكد به ليأتوا بها على وجهها (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (١٠٨).
الخاتمة
[الآيات ١٠٩ ـ ١٢٠]
ثم قال تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (١٠٩). فذكر أنه يجمع رسله يوم القيامة ليسألهم عما فعله أتباعهم فيما عهدوا به إليهم ، فيجيبوا بأنهم لا يعلمون ما أحدثوه فيها بعد وفاتهم ، لأنهم غابوا عنهم ولا يعلم الغيب غيره ، ثم خصّ النصارى بذكر ما أحدثوه في عهدهم لأنهم كانوا أشد انحرافا من غيرهم ، فذكر أنه ، في يوم القيامة ، يذكر لعيسى عليهالسلام ما أنعم به عليه وعلى والدته ، وأنه علّمه الكتاب والحكمة إلخ ، ومما ذكره في هذا حديث المائدة التي سميت هذه السورة باسمها ، ثم ذكر أنه يسأله بعد