المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «آل عمران» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال ، وكان نزولها في السنة الثالثة من الهجرة بعد غزوة أحد ، فتكون من السور التي نزلت بين غزوة بدر وصلح الحديبية. وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لذكر قصة آل عمران فيها. وهي قصة امرأته وابنتها مريم ، وتدخل فيها قصة عيسى أيضا ، ويبلغ عدد آياتها مائتي آية.
الغرض منها وترتيبها
نزل صدر هذه السورة في وفد نصارى نجران ، وكانوا قد وفدوا على النبي (ص) ، فدخلوا عليه المسجد وعليهم ثياب الحبرات وأردية الحرير ، مختتمين بالذهب ، ومعهم بسط فيها تماثيل ، ومسوح ، جاءوا بها هدية له ، فقبل المسوح ولم يقبل البسط ، ثم جادلوه في الدين ، وانضموا بهذا إلى أحبار اليهود في الشغب على الإسلام ، فجاء صدر هذه السورة في تصوير ذلك الجدال الذي دار بينهم ، وقد جاء أغلبه في جدال النصارى مع النبي (ص) ، وجاء قليل منه في جدال اليهود معه ، وقد أشبهت سورة آل عمران سورة البقرة في ذلك الجدال ، كما أشبهتها أيضا في طولها ، ولهذا جعلت بعدها.
وقد مهّد السياق في أول السورة لذلك الجدال ببيان ما يجب لله من الأوصاف ، ثم انتقل من هذا إلى الرد على مقالاتهم في ذلك الجدال. ثم
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز. المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، غير مؤرّخ.