وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [الآية ٣] لأن الإسلام كان فيه بعض الفرائض ، فلما فرغ الله جل جلاله ممّا أراد منه قال : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [الآية ٣] لا على غير هذه الصفة.
وقال تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣) كأنه قال : «فإنّ الله له غفور رحيم». كما تقول «عبد الله ضربت» تريد : ضربته. قال الشاعر [من الوافر وهو الشاهد الحادي والثمانون بعد المائة] :
ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا |
|
فأخزى الله رابعة تعود (١) |
وقال الآخر (٢) [من الرجز وهو الشاهد الثاني والثمانون بعد المائة] :
قد أصبحت (٣) أم الخيار تدّعي عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (٤) وقال تعالى : (ما ذا أُحِلَ) [الآية ٤] فان شئت جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» وان شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر (٥) [من البسيط وهو الشاهد الثالث والثمانون بعد المائة] :
يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم |
|
لا يستفقن الى الديرين تحنانا (٦) |
ف «ذا» لا تكون هاهنا إلّا زائدة. إذ لو قلت : «ما الذي بال نسوتكم» لم يكن كلاما.
وقال تعالى : (الْجَوارِحِ) [الآية ٤] وهي الكواسب كما تقول : «فلان جارحة أهله» و «مالهم جارحة» أي : مالهم مماليك «ولا حافرة».
وقال تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) [الآية ٤] ، فأدخل «من» كما أدخلها في : «كان من حديث» و «قد
__________________
(١). الشاهد في تحصيل عين الذهب ١ / ٤٤ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ٣٢٦ ، والخزانة ١ / ١٧٧ بلا عزو.
(٢). هو أبو النّجم العجلي : الكتاب وتحصيل عين الذهب ١ / ٤٤ ، وفي تحصيل عين الذهب وحده ١ / ٢١٨ ، ومجاز القرآن ٢ / ٨٤.
(٣). في معاني القرآن ١ / ١٤٠ و ٢٤٢ و ٢ / ٩٥ ب «علقت».
(٤). والشاهد بعد في الكتاب ١ / ٦٩ س ٥ و ٧٣ س ١٠ قطعة منه.
(٥). هو جرير بن عطية بن الخطفي. الديوان ١ / ١٦٧.
(٦). البيت بعد في مغني اللبيب ١ / ٣٠١.