وأما قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [الآية ١٠٦] على «فيقال لهم أكفرتم». مثل قوله : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ) [الزمر / ٣] وهذا في القرآن كثير.
وقال تعالى : (آناءَ اللَّيْلِ) [الآية ١١٣] وواحد «الآناء» مقصور «إنى» فاعلم وقال بعضهم : «إني» كما ترى و «إنو» وهو ساعات الليل. قال الشاعر (١) [من البسيط وهو الشاهد الثامن والخمسون بعد المائة :]
السّالك الثّغر مخشيّا موارده |
|
في كلّ إني قضاه اللّيل ينتعل (٢) |
قال : وسمعته «يختعل» (٣).
وقال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) [الآية ١١٠] يريد «أهل أمّة» لأنّ الأمّة الطريقة. والأمّة أيضا لغة (٤). قال النابغة (٥) [من الطويل وهو الشاهد التاسع والخمسون بعد المائة] :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع (٦) وقال تعالى : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً)
__________________
(١). في الصحاح «أنا» هو الهذلي ، وفي مجاز القرآن ١ / ١٠٢ هو أبو أثيلة ، وفي هامشه أبو أثيلة وهو المتنخل الهذلي مالك بن عمرو ، وفي اللسان «اني» هو الهذلي المتنخل.
(٢). في اللسان رواية عن الزجاج مطابقة لما رواه الأخفش إلا في إبدال الباء ب «في» وبعد قال : قال الأزهري : كذا رواه ابن الأنباري. وأنشد الجوهري :
حلو ومر كعطف القدح مرّته.
وما في الصحاح «أنا» مطابق لما رواه الأخفش. وفي مجاز القرآن ١ / ١٠٢ : «حلو ومرّ كعطف الليل مرّته». وفي ديوان الهذليين ٢ / ٣٥ :
حلوّ ومرّ كعطف القدح مرته |
|
بكل إنّي حذاه الليل ينتعل |
وجاء في ٢ / ٣٤ بيت في القصيدة نفسها هو :
السالك الثغرة اليقظان كالئها |
|
مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل |
وقد نقل هذه الآراء كلها في الصحاح «أنا» واللسان «إنّي» ونسبها الى الزّجّاج.
(٣). وردت في الأصل بهذا الرسم ولا معنى لها.
(٤). في اللهجات ١٨٣ وما بعدها ، يبدو أن كسر همزة «امة» لغة الحجاز ، وضمها لغة تميم ، قياسا على همزة «أسوة».
(٥). هو النابغة الذبياني زياد بن معاوية ، وقد مرت ترجمته من قبل.
(٦). البيت في ديوانه ٥١ واللسان امم والصحاح «امم» ، وفي الصحاح واللسان نقل هذا وزاد بعد قوله «أهل أمة» قوله : أي خير أهل دين ، وكذلك في الجامع ٤ / ١٧٠ ، وفي الجامع ٤ / ١٧٥ ، وإعراب القرآن ١ / ١٨٠ باختلاف قليل.