الخاتمة
الآيات [١٧٨ ـ ٢٠٦]
ثمّ قال تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٧٨) فذكر ان الهداية والإضلال بيده وحده جلّ جلاله ، فمن يهده فهو المهتدي ومن يضلله فأولئك هم الخاسرون ؛ ثمّ ذكر أنه خلق لجهنم كثيرا من الجن والإنس لا يعتبرون بما قصّه من ذلك ، لأنهم لا يفقهون ولا يبصرون ولا يسمعون ، فهم كالأنعام بل هم أضلّ ؛ ثمّ ذكر أن له سبحانه الأسماء الحسنى ، وأمرهم أن يدعوه بها ولا يتّبعوا الذين يلحدون في أسمائه من أولئك الجهلاء ؛ وأنّ ممّن خلقه ، أمة يهدون بالحق ، فلا يلحدون في أسمائه ؛ وأنّ الذين كذّبوا بآياته ، سيستدرجهم ، ثمّ يأخذهم بغتة كما أخذ أولئك الأولين ؛ ثمّ وبّخهم على ترك التفكير في أمر النبي (ص) ليعلموا أنه ليس به جنّة ، وإنما هو نذير مبين ؛ كما وبّخهم لأنّهم لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ليعرفوا خالقهم ، وفيما ينذرهم به ، ليعلموا أنه قد اقترب أجلهم ؛ ثمّ ذكر أن من يضلله فلا يهتدي بشيء من ذلك ، ويتركهم في طغيانهم يعمهون.
ثمّ ذكر سبحانه أنهم سألوا النبيّ (ص) عن ساعة ذلك العذاب أيّان مرساها؟ فأجابهم النبيّ (ص) بأنّ علمها عند الله وحده ، وهي لا تأتيهم إلّا بغتة من غير سابق علم ، وبأنه لم يدّع لهم أنه يملك لنفسه نفعا أو ضرّا ، أو يعلم الغيب حتى يكون إليه ذلك الأمر ؛ وإنما يرجع ذلك إلى مشيئة الله وإرادته ، وما هو إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.
ثم أخذ السّياق يبين لهم فساد شركهم ، فذكر سبحانه أنه هو الذي خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ، فلمّا حملت منه دعوا الله (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٨٩) فلمّا آتاهما ما طلبا جعل أولادهما له شركاء فيما آتاهما ؛ ثمّ وبخهم على أن يشركوا به مالا يخلق شيئا وهم يخلقون ، إلى غير هذا مما ذكره في إبطال شركهم ، ثم أمر النبي (ص) أن يأمرهم بدعوة شركائهم لكيده ، تعجيزا لهم ، وأن يذكر لهم أن وليّه الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين ؛ وأنّ هؤلاء الشركاء لا يستطيعون نصرهم ولا نصر أنفسهم ، ثمّ ذكر سبحانه أن