المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الأعراف» (١)
١ ـ قال تعالى : (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) [الآية ٢].
قالوا : الحرج الشكّ منه ، كقوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) [يونس : ٩٤].
وسمي الشكّ حرجا ، لأنّ الشاكّ ضيّق الصدر حرجه ، كما أنّ المتيقّن منشرح الصدر منفسحه. أي : لا تشكّ في أنّه منزّل من الله ، ولا تحرج من تبليغه (٢).
أقول : والأصل في «الحرج» الضّيق ، ولنتسع قليلا في «الحرج» فنقول الحرج والحرج الإثم ، والحارج الإثم. والحرج والحرج والمتحرّج : الكافّ عن الإثم.
ورجل متحرّج ، كقولهم : رجل متأثّم ومتحوّب ومتحنّث ، يلقي الحرج والحوب والإثم عن نفسه.
قال الأزهري : وهذه حروف جاءت معانيها مخالفة لألفاظها.
وأحرجه ، أي : آثمه ، والتحريج : التضييق.
وفي الحديث : «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
قال ابن الأثير : الحرج في الأصل الضيق ، ويقع على الإثم والحرام ، وقيل : الحرج أضيق الضيق ، ومعناه أي لا بأس عليكم ولا إثم أن تحدّثوا عنهم ما سمعتم.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السّامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.
(٢). «الكشاف» ٢ : ٨٥ ـ ٨٦.