يرمي الى حسن الأداء والتلاوة.
٤٦ ـ وقال تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١٩٩) قال الزمخشري (١) :
«العفو» ضد الجهد ، أي : خذ ما عفا لك من أفعال الناس ، وأخلاقهم ، وما أتي منهم ، وتسهّل من غير كلفة ، ولا تداقّهم ، ولا تطلب منهم الجهد وما يشقّ عليهم حتى لا ينفروا كقوله (ص) : يسّروا ولا تعسّروا.
قال الشاعر :
خذي العفو منّي تستديمي مودّتي |
|
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب |
وقيل : خذ الفضل وما تسهّل من صدقاتهم.
أقول : والعفو بهذه الخصوصية المعنوية أصل المعنى ، وقولنا : عفو الخاطر ، ما جاء سهلا على البديهة من غير قصد ولا رويّة.
٤٧ ـ وقال تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) [الآية ٢٠٠].
والمعنى وإما ينخسنّك منه نخس ، بأن يحملك بوسوسته على خلاف ما أمرت به ، فاستعذ بالله.
أقول : النزغ والنخس والنّسغ واحد ، وكذلك الندغ. ونزغه : طعنه بيد أو رمح. ونسغت الواشمة بالإبرة.
والنغز في الألسن الدراجة كالنسغ بالإبرة ، وهو منه على القلب والإبدال.
٤٨ ـ وقال تعالى : (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) [الآية ٢٠٣].
واجتبى الشيء بمعنى جباه لنفسه ، أي : جمعه ، أو جبي إليه فاجتباه ، أي : أخذه.
ومعنى قوله تعالى (لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) : هلا اجتمعتها ، افتعالا من عند نفسك ، لأنهم كانوا يقولون : (ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) [سبأ : ٤٣] أو هلّا أخذتها منزلة عليك مقترحة؟ (٢).
وقال ثعلب : معناه : جئت بها من نفسك.
وقال الفرّاء : هلّا اجتبيتها ، بمعنى هلا اختلقتها وافتعلتها من قبل نفسك.
__________________
(١). «الكشاف» ، ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٢). المصدر نفسه ، ٢ : ١٩٢.