المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الأنعام» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الأنعام بمكّة بعد سورة الحجر ، وقد نزلت سورة الحجر بعد ثلاث سور من سورة الإسراء ، وكان الإسراء ، قبل الهجرة إلى المدينة بسنة ، فتكون سورة الأنعام من السور التي نزلت بين الإسراء والهجرة.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لأنه فصّل فيها حكم الأنعام من الإبل ، والبقر ، والضأن ، والمعز ، وتبلغ آياتها خمسا وستين ومائة آية.
الغرض منها وترتيبها
نزلت سورة الأنعام دفعة واحدة في ذلك الزمن السابق ، وتمتاز بطولها على كل السور المكّيّة ما عدا سورة الأعراف ، فكان لها شأنها في ذلك حين نزولها ، وقد اهتم النبي (ص) بها ، فدعا الكتّاب فكتبوها من ليلتهم ؛ والغرض منها ، إثبات التوحيد والنبوّة ، ودحض مذاهب المبطلين والملحدين ، وإبطال ما ابتدعوه من تحليل الحرام ، وتحريم الحلال من الطيّبات ، تقرّبا لأصنامهم ؛ وبهذا ينحصر الغرض منها في هذين المقصدين. وقد ابتدئت بإثبات التوحيد والنبوّة ، تمهيدا لمناظرة المشركين فيهما ؛ وختمت ببيان أن النبي (ص) ليس في شيء منهم بعد أن قام بإبطال شبهاتهم ، وأن ما أتاهم به من التوحيد هو دين أبيهم إبراهيم (ع) ؛ وأن الله سبحانه وتعالى ما كان ليتركهم
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.