الحرب والسلام
تضمنت سورة الأنفال دراسة كاشفة وتصويرا ملموسا ، للمواقف الناجحة والحروب الهادفة ؛ كما رسمت السورة ، مع سورة أخرى في القرآن الكريم ، أسباب النصر في الميدان ، ومن هذه الأسباب ما يأتي :
١ ـ إخلاص النية ، والرغبة في الشهادة ، وإيثار الاخرة على الدنيا ، وتحمّل تبعات الحرب وآلام القتال.
٢ ـ الثبات في اللقاء ، وتذكّر الله سبحانه في العسر واليسر ، وعدم الفرار من الميدان ، وبذل النفس والنفيس في سبيل الله.
٣ ـ إعداد العدّة ، وتجهيز أدوات القتال والتدريب عليها ، مع وحدة الصف ، وتماسك القوى ، وترابط المقاتلين.
٤ ـ التوكل على الله ، والالتجاء إليه بعد الأخذ في الأسباب ، وطاعة القائد وتنفيذ الأوامر ، والمحافظة على النظام وأخذ الحذر.
٥ ـ البعد عن التنازع والاختلاف في حال القتال وما يتعلق به ، فإن النزاع والخلاف من أكبر الأسباب في إذهاب القوة وتمكين الأعداء : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الآية ٤٦].
أي لا تختلفوا ، فإنّ الخلاف يؤدي الى الضعف والهزيمة ، وضياع القوة والدولة.
٦ ـ عدم تصديق الخلافات والأراجيف ، ومصاولة اليأس والقنوط ، والقضاء على أساليب العدو وعلى الحرب النفسية التي يشنها ، رغبة منه في تثبيط الهمم والتيئيس من النصر.
* * *
ثم يأمر الله المؤمنين في سورة الأنفال ، أن يثبتوا في كل قتال ، مهما خيّل إليهم في أول الأمر من قوة أعدائهم. فإن الله هو الذي يقتل ، وهو الذي يرمي ، وهو الذي يدبّر ، وما هم إلا أسباب ظاهرة لتنفيذ إرادة الله.
وسخر القرآن من المشركين الذين كانوا قبل الموقعة يستفتحون ، فيطلبون أن تدور الدائرة على أضل الفريقين وأقطعهما للرحم ، فيقول :
(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الآية ١٩].
ويحذر المسلمين أن يتشبهوا بالكفار والمنافقين الذين يسمعون