لا نحزتم إلينا ، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا.
فسألوا النبي (ص) عن حكمها ، فنزلت هذه السورة تجيبهم في أولها بأن قسمة الأنفال لله ورسوله ، لأن الله هو الذي نصرهم ومكّنهم منها ، فدبّر لهم ما دبّر في هذه الغزوة ، وأمدّهم بما أمدّهم به من الملائكة ، إلى غير هذا ممّا ذكره في هذا السياق ؛ ثم تجيبهم بعد هذا ببيان مصرف الأنفال ، وقد فصلت في هذا قسمتها ، وبيّن السياق أنّ خمسها لله وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وأيد حقهم في خمسها بمثل ما أيد به حق الله والرسول في قسمتها ، ومضى السياق في هذا إلى آخر السورة.
وقد ذكرت هذه السورة بعد سورة «الأعراف» ، لأن فيها تحقيق ما أنذر به المشركون في هذه السورة ، ولأنها تعدّ هي وسورة التوبة ، كسورة واحدة متممة للسبع الطوال.
تفويض قسمة الأنفال لله والرسول
الآيات (١ ـ ٤٠)
قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١) فذكر جلّ وعلا أن قسمة الأنفال من حقه وحق رسوله ، وأمرهم أن يتقوه ويصلحوا ذات بينهم ، ويطيعوا ما يؤمرون به ، إن كانوا مؤمنين ، لأن المؤمنين هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ، إلى غير هذا مما ذكره من صفاتهم.
ثم ذكر سبحانه أنه لا يفعل في تقسيم الأنفال إلا ما فيه مصلحتهم ، وإن خفيت عليهم. كما أخرجه من بيته يوم بدر بوعده الحق من النصر على المشركين ، وإنّ فريقا منهم لكارهون لقتالهم ، ثم ذكر إذ يعدهم إحدى الطائفتين وهي النفير أنّها لهم ، وأنهم ودّوا أن غير ذات الشوكة وهي العير تكون لهم ، وأنه يريد أن يحق الحق بتسليطهم على ذات النفير ، وأن يقطع دابر الكافرين.
ثم ذكر إذ يستغيثونه فأمدّهم بألف من الملائكة مردفين ، وأنه لم يجعل هذا الإمداد إلا بشرى لهم ، ولتطمئن به قلوبهم ، وما النصر إلا من عنده وحده سبحانه ، وليس بالملائكة ولا بغيرهم ،