المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الأنفال» (١)
١ ـ قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [الآية ١].
الأنفال : جمع نفل وهو الغنيمة ، وإنّما سألوا عنها لأنها كانت حراما على من كان قبلهم ، فأحلّها الله لهم.
وقيل أيضا : إنه (ص) نفّل في السرايا ، فكرهوا ذلك في تأويله :
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥) كذلك تنفّل من رأيت ، وإن كرهوا ، وكان سيدنا رسول الله (ص) جعل لكل من أتى بأسير شيئا ، فقال بعض الصحابة : يبقى آخر الناس بغير شيء.
قال الأزهري : وجماع معنى النفل والنافلة ، ما كان زيادة على الأصل.
وسمّيت الغنائم أنفالا ، لأنّ المسلمين فضّلوا بها على سائر الأمم ، الذين لم تحلّ لهم الغنائم.
وصلاة التطوّع نافلة ، لأنها زيادة أجر لهم ، على ما كتب لهم من ثواب ما فرض عليهم.
ونفل النبي (ص) السرايا في البدأة الرّبع ، وفي القفلة الثلث ، تفضيلا لهم على غيرهم من أهل العسكر ، بما عانوا من أمر العدوّ ، وقاسوه من الدأب والتعب ، وباشروه من القتال والخوف.
وكل عطيّة تبرّع بها معطيها ، من صدقة أو عمل خير ، نافلة.
والنّفل : الهبة والعطيّة في التطوّع.
وتنفّل فلان على أصحابه : إذا أخذ
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السّامرّائي ، مؤسسة الرسالة العربية ، بيروت ، غير مؤرخ.