الأفعال ، وأن تكون كلها مشددة ، فقالوا في حييت حيّوا ، وفي عييت عيّوا ، قال وأنشدني بعضهم :
يحدن بنا عن كلّ حيّ كأنّما |
|
أخاريس عيّوا بالسّلام وبالكتب |
قال : وأجمعت العرب على إدغام «التحية» لحركة الياء الأخيرة ، كما استحبّوا إدغام «حيّ» و «عيّ» للحركة اللازمة فيهما ، فأما إذا سكنت الياء الأخيرة فلا يجوز الإدغام مثل : «يحيي ويعيي ، وقد جاء في الشعر الإدغام في مثل هذا الموضع ، وهو قوله :
وكأنّها بين النّساء سبيكة |
|
تمشي بسدّة بيتها فتعيّى |
أقول : ومن الواجب أن نقف قليلا على هذه الألفاظ المشكلة لفائدتها اللغوية التاريخية ، ولنهتدي إلى مكان علم الأصوات من الناحية التطبيقية.
١٠ ـ وقال تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ) [الآية ٦١].
السّلم تؤنث تأنيث نقيضها ، وهي الحرب ، قال :
السّلم تأخذ منها ما رضيت به |
|
والحرب يكفيك من أنفاسها جرع |
وقرئ بفتح السين وكسرها.
أقول : والسّلم في العربية المعاصرة مذكر ، يقال السّلم العالمي.
١١ ـ وقال تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) [الآية ٦٧].
أقول : كنا عرضنا للفعل «كان» ، وهي مكتفية بالمرفوع الفاعل ، تلك التي سمّاها النحويون «التامة».
وفي هذا ، تأتي «كان» مرة ثانية في قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍ) ، والمعنى ما صح له وما استقام ، وهذا معنى جديد للفعل يجعلها تامة أيضا مكتفية بالمرفوع نظير «يكون» ، التي تليها في الآية نفسها ، ومعناها الحصول والثبوت ، وهي تامة أيضا مكتفية بالفاعل «أسرى».
١٢ ـ وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [الآية ٧٣].
أقول : كنت قد عرضت لدلالة «بعض» على الإفراد ، وأتيت بشواهد من لغة التنزيل ، وها أنا أقف على هذه الآية لأشير إلى أن كلمة «بعض» فيها ، تدل على الجمع دلالة صريحة ، وفي هذا ردّ على من زعم أنها تدل على الواحد ليس غير.