المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «التوبة» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة التوبة بعد سورة المائدة ، وكان نزولها في ذي القعدة أو ذي الحجّة من السنة التاسعة للهجرة ، وكان النبي (ص) أرسل أبا بكر في أخريات ذي القعدة ليحجّ بالناس ، فنزلت هذه السورة بعد سفره ، وفيها نبذ العهود للمشركين جميعهم الذين لم يفوا بعهودهم ، فأرسل بها عليّا ليبلّغها إلى الناس في يوم الحج الأكبر ، فلحق أبا بكر في الطريق ، ثم أبلغها الناس في ذلك اليوم ، ثم نادى : لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان. فتكون سورة التوبة ، من السور التي نزلت بين غزوة تبوك ووفاة النبي (ص).
وقد سميت هذه السورة باسم التوبة ، لأنه ذكر في الآيتين : ١١٧ و ١١٨ ، توبة الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتّبعوه في ساعة العسرة ، بعد ما (كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) [الآية ١١٧] ، وعلى الثلاثة الذين خلّفوا في غزوة تبوك ، وتبلغ آياتها تسعا وعشرين ومائة آية.
الغرض منها وترتيبها
نزلت هذه السورة لتحديد علاقة المسلمين بأعدائهم في آخر عهد النبوّة ، وكان أعداؤهم على ثلاثة أقسام : أوّلها مشركو العرب ، وقد نبذت في هذه السورة عهود الذين لم يفوا بعهودهم منهم ، وأمهلوا فيها أربعة
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.