والإبل والبقر ، ثم توعّدهم على افتراء ما حرّموه منها ، وأمر النبي (ص) أن يخبرهم بأنه لا يجد فيما أوحى إليه محرّما من ذلك ، إلّا أن يكون ميتة ، أو دما مسفوحا ، أو غير ذلك مما ذكره ؛ ثم ذكر أنه حرم على اليهود كل ذي ظفر وغيره مما حرمه عليهم عقابا لهم على بغيهم ، وتوعدهم إذا كذبوه في ذلك فقال (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (١٤٧).
شبهتهم السادسة
على التوحيد والنبوة
الآيات [١٤٨ ـ ١٥٨]
ثم قال تعالى : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الآية ١٤٨] فذكر شبهتهم السادسة على التوحيد والنبوة ، وهي قولهم : لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء ، وإذا كان ذلك بإرادته كان راضيا عنه. ثم رد عليهم بأن من قبلهم اعتمد على مثل هذا في تكذيب الرسل حتى ذاق عذابه ، فعلم أنه كان واهما. وبأنهم يزعمون ذلك من غير أن يكون عندهم به علم ، وبأن الحجة البالغة لله عليهم بمعجزاته التي أيد بها رسله ، وبأنه لا أحد يشهد لهم على زعمهم أن الله حرّم ما حرّموه على أنفسهم ؛ ثم أمر النبي (ص) أن يتلو ما حرّمه عليهم من الشرك به وما ذكر معه ؛ وذكر أن هذا هو صراطه المستقيم الذي يجب عليهم أن يتّبعوه ولا يتّبعوا غيره من السبل التي تفرّقهم عن سبيله ، وأنه أنزل التوراة على موسى هدى ورحمة لقومه ، وأنزل القرآن لئلّا يحتجّ من كفر بعد التوراة بأنه لم ينزل عليهم كتاب كما أنزل على اليهود والنصارى من قبلهم ، وأنه لو أنزل عليهم كتاب لكانوا أهدى منهم ؛ ثم ذكر أنه قد جاءهم ذلك الكتاب الذي يقطع عذرهم ، وأنه لا يوجد أظلم منهم إذ صدفوا عن آياته بعد أن ظهر صدقها لهم ، وأوعدهم على ذلك بما أعده لهم من سوء العذاب ؛ وذكر أنهم إذا كانوا ينتظرون بإيمانهم أن تأتيهم الملائكة أو غير ذلك من اقتراحاتهم ، فإن إيمانهم لا ينفع في ذلك الوقت (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١٥٨)